هذا النوع الثالث، وهذا يشمل الفاعل والمفعول به، يجب تأخير الفاعل إذا كان محصوراً، ويجب تأخير المفعول به إذا كان محصوراً.
وَمَا بِإلاَّ أَوْ بِإِنَّمَا انْحَصَرْ أَخِّرْ يعني: أَخِّرْ مَا انْحَصَرْ بِ (إِلاَّ) أو بِ (إِنَّمَا)، مَا: هذه مفعول به في محل نصب، وبـ (إِلاَّ) إو بـ (إِنَّمَا) هذا متعلق بقوله: انْحَصَرْ، انحصر بـ (إلا) أو بـ (إن) وسبق معنا أن المحصور سواء كان مبتدأ أو خبر أو فاعل أو مفعول إذا كان بـ (إلا) يكون ما بعد (إلا)، وإذا كان بـ (إنما) يكون متأخراً.
المحصور منهما من الفاعل أو المفعول وجب تأخيره مطلقاً هنا لم يفصل الناظم، وفيه ثلاثة مذاهب.
وَمَا بِإِلاَّ أَوْ بِإِنَّمَا انْحَصَرْ ... أَخِّرْ وَقَدْ يَسْبِقُ إِنْ قَصْدٌ ظَهَرْ
قد يتقدم إذا دلت قرينة عليه، وهذا إنما يكون إذا كان الحصر بـ (إِلاَّ)، أما بـ (إِنَّمَا) فلا، بـ (إِنَّمَا) لا يكون متميزاً، إذا قلت: إنما ضرب زيدٌ عمْراً؛ أيهما المحصور فيه؟ عمْراً، لو قدمته؟ ما يتبين فيحصل لبس، لكن: ما ضرب زيد إلا عمْراً؛ معلوم أن عمْراً هذا محصور فيه، لو قلت: ما ضرب إلا عمْراً زيد بتقديم (إلا عمْراً) هذا واضح أنه مع (إلا) أنه هو المحصور.
إذاً: وقد يسبق المحصور فاعلاً كان أو مفعولاً غير المحصور.
إِنْ قَصْدٌ ظَهَرْ: وهذا يكون مع (إلا).
قال الشارح: إذا انحصر الفاعل أو المفعول بـ (إِلاَّ) أو بـ (إِنَّمَا) وجب تأخيره، وقد يتقدم المحصور من الفاعل أو المفعول على غير المحصور إذا ظهر المحصور من غيره، يعني: إذا قصد حصر المفعول وجب تأخيره، ووجب تقديم الفاعل، إذا قصد حصر المفعول وجب تأخيره وتقديم الفاعل، فتقول: ما ضرب زيد إلا عمْراً، فعمْراً هذا محصور فيه في كونه مضروباً، وقد يكون لزيد مضروب آخر، أما عمرو هو المضروب فقط دون غيره، وأما زيد قد يكون له مضروب آخر.
ما ضرب زيد إلا عمْراً، وإنما ضرب زيد عمْراً، عمْراً هذا مفعول به وهو محصور؛ لأنه جاء بـ (إنما) والذي يكون محصوراً بـ (إنما) يكون متأخراً -هو الثاني-، وأما بـ (إلا) فهذا يكون بعد (إلا).
وإذا قصد حصر الفاعل وجب تأخيره وتقديم المفعول: ما ضرب عمْراً إلا زيد، فزيد: هذا متأخر وهو مرفوع بعد (إلا) وهو فاعل وهو محصور فيه.
وإنما ضرب عمْراً زيد، فزيد هذا متأخر بعد (إنما) وحينئذٍ يكون محصوراً.
وقوله: وَقَدْ يَسْبِقُ إِنْ قَصْدٌ ظَهَرْ
قد يسبق منهما من المحصور بـ (إلا) أو بـ (إنما) إذا ظهر القصد، وهذا لا يتصور إلا في المحصور بـ (إلا)، وأما المحصور بـ (إنما) فلا، يبقى على الأصل.
ولا يظهر القصد إلا في المحصور بـ (إلا)، وأما المحصور بـ (إنما) فقد لا يعلم حصره إلا بتأخيره.
قال الشارح: فمثال المحصور بـ (إنما) قولك: إنما ضرب عمْراً زيد، أي: لا ضارب له غيره، وقد يكون لزيد مضروب آخر.
ومثال المفعول المحصور بـ (إنما): إنما ضرب زيد عمْراً، أي: لا مضروب له غيره، وقد يكون لعمرو ضارب آخر.
ومثال الفاعل المحصور بـ (إلا): ما ضرب عمْراً إلا زيد.
ومثال المفعول المحصور بـ (إلا): ما ضرب زيد إلا عمْراً.