الْمَفْعُولَ: مفعول به، الْمَفْعُولَ هنا إعرابه: مفعول به، أخره عن ماذا؟ عن الفاعل، وحينئذٍ يجب البقاء على الأصل، هذا ما فيه التزام الأصل، فيجب أن يكون الفاعل متقدماً والمفعول متأخراً على محله، متى؟ إِنْ لَبْسٌ حُذِرْ، إِنْ حُذِرْ لَبْسٌ، إِنْ لَبْسٌ حُذِرْ، لَبْسٌ: هذا نائب فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور، بسبب خفاء الإعراب وعدم القرينة وسبق أنه إذا كانا معرفتين أو مبنيين أو موصولين أو مقصورين حينئذٍ يتعين أن يكون الأول مبتدأ والثاني خبر، لماذا؟ لأنه لو قدم الخبر على المبتدأ التبس، وهنا كذلك، لو قال: ضرب موسى عيسى؟ ما يُعرَف لو قَدَّمَ وأَخَّرَ من الفاعل ومن المفعول، لكن لو التزم أن يقدم الفاعل على المفعول: ضرب موسى عيسى؛ عرفت أن موسى هو الفاعل وعيسى هو المفعول.

إِنْ لَبْسٌ حُذِرْ: حينئذٍ نقول: هذا فيه لبس، لماذا؟ لعدم التمَيُّز، أما إذا وجدت قرينة معنوية أو لفظية حينئذٍ نقول: جاز التقديم، لفظية مثل لو وصفته: ضرب موسى العاقلُ عيسى، ضرب عيسى العاقلَ موسى، لما وصفت العاقلَ بالنصب عرفت أنه مفعول به، هذا جائز، وكذلك إذا كانت قرينة معنوية، مثل ماذا؟ أرضعت الصغرى الكبرى، أيهما مفعول؟ الصغرى مفعول، لماذا؟ لأن الأصل الكبرى هي التي ترضع الصغرى، أرضعت الصغرى الكبرى؛ تعلم أن الأول هو مفعول به وليس بفاعل.

إذاً: بسبب خفاء الإعراب وعدم القرينة، إذ لا يعلم الفاعل من المفعول والحالة هذه إلا بالرتبة كما في: ضرب موسى عيسى، وأكرم ابني أخي، ابني أخي: إعراب مقدر لا يعرف إلا إذا جعلت الفاعل في مرتبته والمفعول في مرتبته.

فإن أمن اللبس لوجود قرينة جاز التقديم نحو: ضربت موسى سلمى، هذا يحتمل الضارب والمضروب، وأما إذا قلت: ضربت بالتاء عرفت أن هذا الفاعل مسند إلى سلمى، كما قال هنا.

أَوْ أُضْمِرَ الْفَاعِلُ غَيْرَ مُنْحَصِرْ

إذاً: يجب تأخير المفعول به، متى؟ إن خشي التباسه بالفاعل، فيجب حينئذٍ أن نلتزم كل مرتبة في مرتبتها، ولا يجوز التقديم ولا التأخير إلا بقرينة.

أَوْ أُضْمِرَ الْفَاعِلُ غَيْرَ مُنْحَصِرْ: بمعنى أن الفاعل يكون ضميراً، ضربت زيداً، ما حكم تأخير المفعول هنا؟ واجب؛ لأنه لا يمكن أن يفصل بين ضرب والتاء، متى ما أمكن الاتصال لا يجوز الانفصال.

وَفِي اخْتِيَارٍ لاَ يَجِيءُ المنُْْفَصِلْ ... إِذَا تَأَتَّى أَنْ يَجِيءَ المُتَّصِلْ

وحينئذٍ نقول: يجب هنا أن يكون الفاعل متصلاً؛ لأنه ضمير، ولذلك قال: أَوْ أُضْمِرَ يعني: جيء به ضميراً إذا كان الفاعل ضميراً غير محصور، أي: وأخر المفعول عن الفاعل أيضاً وجوباً إن وقع الفاعل ضميراً غير منحصر، نحو: أكرمتك وأهنت زيداً، أهنت التاء، أكرمتك الكاف هنا مفعول به، والتاء: فاعل، لا يمكن التقديم والتأخير.

غَيْرَ مُنْحَصِرْ: يعني إذا لم يكن ثَمَّ حصر، كما في قولك: ما ضرب زيداً إلا أنا، انفصل لإرادة الحصر صار فاعلاً، فهو متأخر بعد (إلا).

أَوْ أُضْمِرَ الْفَاعِلُ غَيْرَ مُنْحَصِرْ؛ لأن الفصل يؤدي إلى انفصال الضمير مع إمكان اتصاله.

وَمَا بِإلاَّ أَوْ بِإِنَّمَا انْحَصَرْ ... أَخِّرْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015