لِلثَّانِ وَالثَّالِثِ من مفاعيل أعلم ورأى، وأما المفعول الأول فلا يجوز فيه تعليق الفعل عنه، لا يعلق عنه، فلا يقال: أعلمت لزيدٌ عمروٌ منطلقٌ، هذا لا يصح، لماذا؟ لأنك علقت المفعول الأول والتعليق إنما هو خاص بالمفعول الثاني والثالث، فيبقى المفعول الأول على حاله، وإذا أردت التعليق تدخل الحرف أو الاسم المعلِّق بعد المفعول الأول، حينئذٍ يختص بالمفعول الثاني والثالث، وأما الأول فيبقى على حاله منصوباً، ولذلك في المثال السابق ما ذكره الشارح أنه أدخل لام الابتداء على المفعول الثاني، أعلمت زيداً لعمروٌ منطلقٌ، أما أعلمتُ لزيدٌ عمروٌ منطلقٌ نقول: هذا لا يصح، بل يبقى الأول على حاله، أعملتُ زيداً لعمروٌ قائمٌ، ومثال حذفهما للدلالة أن يقال: هل أعلمتَ أحداً عمراً قائماً؟ تقول: أعلمتُ زيداً، هذا وقع في جواب سؤال، وحذف المفعول الثاني والثالث معاً.

ومثال حذف أحدهما للدلالة أن تقول في هذه الصورة: أعلمتُ زيداً عمراً أي: قائماً، حذفت الثالث، أو: أعلمتُ زيداً، قائماً أي عمراً قائماً، فحذفت الثاني.

إذاً: كل الأحكام السابقة تتعلق بالثاني والثالث، وأما الأول وإن كان منصوباً لأعلم إلا أنه ليس أصله المبتدأ والخبر، والأحكام السابقة كلها متعلقة بما أصله المبتدأ والخبر.

والذي لِمَفْعُولَيْ: ثبت لِمَفْعُولَيْ عَلِمْتُ بدون همزٍ ورأيت كذلك مُطْلَقَا بدون تفصيلٍ وبدون استثناء لِلثَّانِ وَالثَّالِثِ يعني: ثابت حُقِّقَا لِلثَّانِي، لِلثَّانِ هذا متعلق بقوله: حُقِّقَا، وحُقِّقَا هذا فعل ماضي مغير الصيغة والألف هذه للإطلاق، حقق للثاني والثالث، يعني: ثبت، التحقيق هنا بمعنى الثبوت، فثبت بالثاني والثالث من الإلغاء والتعليق ومنع الحذف من غير دليل وجوازه لدليل ثابت للثاني والثالث من؟؟؟ أعلم وأرى.

وَإِنْ تَعَدَّيَا لِوَاحِدٍ بِلاَ ... هَمْزٍ فَلاِثْنَيْنِ بِِهِ تَوَصَّلاَ

هذا استطراد من الناظم، وهو أنه قد سبق أن بيَّن (علِم) العرفانية ولم يذكر (رأى) البصرية.

إِنْ تَعَدَّيَا لِوَاحِدٍ: عَلِمَ إما أن تتعدى لواحد، وإما أن تتعدى لاثنين، إن تعدت لاثنين عرفنا الحكم أنها بهمزة النقل تصير متعدية إلى ثلاثة، بقي علم بمعنى عرف: ((لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا)) [النحل:78]، علمت زيداً يعني: عرفت زيداً، رأيت زيداً، رأيت (رأى) البصرية، إذا تعدت لواحد حينئذٍ تصيره همزة النقل متعدياً إلى اثنين.

وَإنْ تَعَدَّيَا لِوَاحدٍ: الضمير هنا تَعَدَّيَا يعود إلى (علم ورأى)، ومتى يتعديان لواحد؟ إذا كانت علم بمعنى عرف –عرفانية-: لِعِلْمِ عِرْفَانٍ وَظَنِّ تُهَمَهْ ... ... تَعْدِيَةٌ لِوَاحِدٍ مُلْتَزَمَهْ.

وَإنْ تَعَدَّيَا لِوَاحدٍ: هو لم يذكر رأى التي تتعدى إلى واحد، وإنما ذكر علم العرفانية وذكر ظن التي بمعنى اتهم، حينئذٍ الضمير راجع إلى شيء مذكور، وإلى شيء معلوم في الذهن.

وَإنْ تَعَدَّيَا: يعني: علم ورأى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015