يعني: إذا صارت أمامك ثلاثة مفاعيل قد يلتبس، أيي المفاعيل هذه التي يتعلق بها التعليق والإلغاء والحذف ونحو ذلك، كل ما سبق من أحكام علم؟ نقول: الثاني والثالث، لماذا؟ لأن الأول أصله فاعل؛ لدخول همزة النقل نصب على أنه المفعول الأول، والمفعول الأول في باب علم هو الثاني في باب أعلم، والمفعول الثاني في باب علم هو المفعول الثالث في باب أعلم، حينئذٍ يتعلق الحكم بالثاني والثالث دون الأول، ولذلك قال: (ومَا)، يعني والذي -هذا مبتدأ،- (حُقِّقَا) هذا خبره، وما ثبت أو حقق لمفعولي -هذا صلة متعلق بمحذوف-، والذي لمفعولي، والذي ثبت لمفعولي علمتُ بدون همزة نقل، مُطْلَقَا: بدون استثناء الأحكام السابقة، لِلثَّانِ وَالثَّالِثِ من مفاعيل أعلمَ وأرى أيْضاً حُقِّقَا، فيجوز حينئذٍ حذفهما معاً اختصاراً إجماعاً، هذا في الثاني والثالث، يجوز حذفهما معاً اختصاراً إجماعاً، وفي حذف أحدهما اختصاراً ما سبق من الخلاف، ويمتنع حذف أحدهما اقتصاراً إجماعاً، وفي حذفهما معاً اقتصاراً الخلف السابق، ويجوز إلغاء العامل بالنسبة إليهما فقط دون الأول، ولذلك تقول: عمروٌ أعلمتُ زيداً قائمٌ، ما حكمه هنا؟ عمروٌ أعلمتُ زيداً قائمٌ، هذا ماذا نسميه؟ إلغاء، ما الدليل؟ الرفع؛ لأنه لو بقي كما هو لقلت: عمراً أعلمتُ زيداً قائماً، لكن لما رفعت الأول (عمروٌ) لتوسط العامل، و (قائمٌ) خبره تعين أعلمتُ أن يكون متعدياً لواحد، فنُصب الأول على أصله، ثم الثاني والثالث ارتفع رجع إلى ما كان عليه، ولذلك لم يرفع زيداً، أعلمتُ زيداً؛ لأنه ليس مفعول أول ولا ثاني، والتعليق والإلغاء إنما يكون للثاني والثالث، أما الأول زيداً بقي كما هو منصوب: عمروٌ أعلمتُ زيداً قائمٌ، حصل إلغاء هنا بالتوسط، لماذا نصب زيداً والأصل ألا تعمل أعلمت في اللفظ؟ نقول: لأن زيداً هذا ليس هو المفعول الثاني، ولا الثالث، وإنما هو مفعولٌ زِيدَ بدخول همزة النقل على علِم، عمروٌ أعلمتُ زيداً قائمٌ.

ويجوز التعليق عنهما فتقول: أعلمت زيداً لعمروٌ قائم، يعني: الذي سبق معنا من المواضع الستة التي تكون معلِّقة للفعل، إنما توجد فاصلة بين (أعلم) وبين المفعول الثاني، أعلمت زيداً لعمروٌ قائمٌ، دخلت لام الابتداء، وهي مما له الصدر، وحينئذٍ وجب التعليق، وكان التعليق هنا حاصلاً للمبتدأ والأول.

إذاً:

وَمَا لِمَفْعُولَيْ عَلِمْتُ مُطْلَقَا ... لِلثَّانِ وَالثَّالِثِ أَيْضَاً حُقِّقَا

ومَا يعني: والذي ثبت.

لِمَفْعُولَيْ عَلِمْتُ مُطْلَقَا: مُطْلَقَا هذا حال من الضمير المستتر في المجرور العائد على (مَا) لِمَفْعُولَيْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015