لِوَاحدٍ: يعني: لمفعول واحد، وهذا إنما ذكره في الباب السابق أن علم العرفانية تتعدى لواحد، لِعِلْمِ عِرْفَانٍ، ثم قال: تَعْدِيَةٌ لِوَاحِدٍ مُلْتَزَمَهْ، فحينئذٍ رأى البصرية لم يذكرها هو، حينئذٍ يقول: وَإنْ تَعَدَّيَا، أي: علم ورأى البصرية، فأشار بالضمير إلى شيء مذكور فيما سبق وإلى شيء معلوم يوجبه الموقِّف الشارح.
لِوَاحدٍ: وذلك فيما إذا كانت (علم) عرفانية و (رأى) بصرية.
بِلا هَمْزٍ: كانت التعدية بلا همز؛ لأن الهمزة قد تجعل اللازم يتعدى لواحد، ولكن هنا تعدى بنفسه إلى واحد.
فَلاِثْنَيْنِ بِِهِ تَوَصَّلا: فَلاِثْنَيْنِ الفاء واقعة في جواب الشرط، فَلاِثْنَيْنِ بِِهِ، يعني: بالهمز توصلا، توصلا علم ورأى إلى اثنين وهما متعديان لواحد بالهمز هذا مراده، فَلاِثْنَيْنِ بِِهِ يعني: لمفعولين اثنين تَوَصَّلا الضمير هنا يعود إلى رأى وعلم، تَوَصَّلا بِِهِ، يعني بالهمز، فلما كان دون الهمز متعدياً لواحد، فحينئذٍ تعدى بالهمزة إلى اثنين.
وَإنْ تَعَدَّيَا -رَأَى وَعَلِمَا- لِوَاحدٍ بِلا: هذا متعلق بقوله: تَعَدَّيَا بِلا هَمْزٍ، يعني: بغير همز .. لاَ هنا بمعنى غير ليست حرفية، بل هي اسم، وإعرابها يظهر على ما بعدها. هَمْزٍ: الكسرة هذه كسرة عارية، وكسرةُ همزٍ هذه مقدرة، ولا هذه الإعراب فيها مقدر وظهر على ما بعدها.
بِلا هَمْزٍ: بأن كانت رأى بصرية وعلم عرفانية، فَلاِثْنَيْنِ بِِهِ -هذا جواب الشرط- تَوَصَّلا بِِهِ، بِهِ: متعلق بتَوَصَّلا، والاِثْنَيْنِ متعلق بتَوَصَّلا، توصلا بالهمز لاثنين لمفعولين اثنين، توصلا لما علمت، فتقول: أريت زيداً الهلال، رأيت الهلال فعل وفاعل ومفعول به، أريت زيداً الهلالَ، تعدى إلى اثنين، زيداً هذا مفعول أول، والذي جاء به هو همزة النقل، والهلالَ هذا مفعول ثاني، فصيرت المفعول لرأى مفعولاً ثانياً وزادته مفعولاً أولاً، وهو الفاعل، وأعلمته الخبر، أعلمتُ زيداً الخبر، تعدى إلى اثنين، أعلمتُ يعني: أعلمتُ زيداً الخبرَ، علمَ زيدٌ الخبرَ، علمَ فعل ماضي، وزيدٌ فاعله والخبرَ هذا مفعول به، بمعنى عرف، إذا دخلت همزة النقل صيرت الفاعل مفعولاً أول، أعلمت زيداً الخبرَ، إذاً: تعديا لاثنين بواسطة همزة النقل، والأصل فيهما: (علم) العرفانية و (رأى) البصرية إنْ تَعَدَّيَا لِوَاحدٍ، وليستا حينئذٍ من هذا الباب، ولو تعديا لاثنين: أعلمت زيداً الخبرَ، لا يقال: بأن أعلم من باب علِمَ مما يتعدى لمفعولين، نقول: لا، ليست من هذا الباب، وكذلك رأى البصرية ليست من هذا الباب.
وليستا حينئذٍ من هذا الباب، ولا من الباب الذي قبله؛ لأن المفعول الثاني غير الأول.
ويشترط في المفعولين اللذين تدخل عليهما علم ورأى أن يكونا مبتدأً وخبراً في الأصل، وهذا ليس مما أصلهما المبتدأ والخبر، حينئذٍ يكون من باب: (كسا وأعطى).
وليستا حينئذٍ من هذا الباب ولا من الباب الذي قبله؛ لأن المفعول الثاني غير الأول، فهو من باب (كسا وأعطى)، وهذا ما أشار إليه بقوله:
وَالثَّانِ مِنْهُمَا كَثَانِ اثْنَيْ كَسَا ... فَهْوَ بِهِ فِي كُلِّ حُكْم ٍذُوْ ائْتِسَا