ومفعوله إما مفرد وهو على نوعين: مفرد في معنى الجملة، قلتُ قصيدةً، قلتُ خطبةً، قلتُ كلمةً، يعني: محاضرةً مثلاً، فنقول: هذه كلها ألفاظ مفردات في اللفظ إلا أنها في المعنى جمل، هذا يُنصب مباشرة ليس كالجملة، الجملة تحكى: ((قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ))، وأما قلتُ قصيدةً، بالنصب مفعول به، مثل: ضربتُ زيداً، نقول: قصيدةً مفعول به العامل فيه قال، لماذا؟ لأنه يتعدى إلى مفعول، ينصب مفعول، إما جملة وإما مفرد، والمفرد هذا ليس كل مفرد، لا تقل: قال زيداً، وإنما يكون في معنى الجملة، قلتُ قصيدةً.
ومفرداً يراد به مجرد اللفظ: ((يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ)) [الأنبياء:60]، إِبْرَاهِيمُ نقول: هذا يراد به اللفظ، يعني: الاسم يطلق عليه هذا الاسم، وزيد ثالث -وهذا أشبه ما يكون بالاصطلاح-: المفرد الذي مدلوله لفظ: قلتُ كلمةً، إذا كنت تلفظت بلفظ زيد مثلاً، ليس المراد كلمة محاضرة موعظة لا، قلتُ كلمةً، تلك هي في المعنى جُمل، وهذه لا المراد بها قلتُ كلمةً يعني: اسماً لفظ زيد واحد كلمة، زيد قال كلمة: يعني: نطق بكلمة واحدة، نقول: هذا شيء ثالث.
إذاً: مفرد يراد به مجرد اللفظ، ومفرد في المعنى -في معنى الجملة-: قلتُ شعراً، خطبة إلى آخره، وزيد: مفردٌ مدلوله لفظ كما ذكرناه.
إذاً: الجملة تحكى به فتكون في موضع مفعولٍ له، سواء لفظ بالجملة بأجزائها كلها أم لا؟ ((قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ)) [هود:69]، سَلامًا: هل نقول هذا كلمة واحدة منصوبة بـ (قال)، أم أنها جملة؟ جملة، لكنها لم تذكر كل الأجزاء، حينئذٍ الجملة كلها نقول في محل نصب، وليست سَلامًا فحسب، أسلم سلاماً كلها - ((قَالَ سَلامٌ): سَلامٌ عَلَيْكُمْ، الجملة كلها في محل نصب لقال، وقد يكون اللفظ (قال) يعامل معاملة ظن، يعني: يضمن معنى الظن، وإذا ضمن معنى الظن حينئذٍ تعدى إلى مفعولين، هذا يكون مثل: ظن، ظننتُ زيداً قائماً، أتقول زيداً قائماً؟ تعدى إلى مفعولين، لكن ليس له شروط ليس على إطلاقه.
وَكتَظُنُّ اجْعلْ تَقُولُ: إذاً: خرج عن أصله، الأصل في لسان العرب المشهور: أن الجمل بعده تحكى، وأن المفردات على التفصيل السابق، فيقتضي مفعولا واحداً، -ينصب مفعول واحد-، وإذا جعل طالباً لمفعولين نقول: خرج عن الأصل.
اجْعلْ تَقُولُ كتَظُنُّ: كتظن متعلق بقوله: اجْعلْ، واجعل هذا فعل أمر وتَقُولُ: هذا قصد لفظه فهو في محل نصب، اجعل تقول كتظن عملاً ومعنى، معنى من حيث تضمين، تقول معنى الظن، أتقول زيداً عالماً، يعني: أتظن من جهة المعنى، أو من جهة العمل أن تعمله مثلما تعمل ظن، فظن يتعدى إلى مفعولين إذا كان فعل مضارع كذلك تقول.