وَكتَظُنُّ عملاً، ومعنى اجْعلْ تَقُولُ: اجعل صيغته صيغة الأمر، لكن المراد به الجوار، ليس واجب، يعني: ما سيذكر من الشروط شروط للجواز لا للوجوب، إذاً: اجْعلْ هذا ليس على ظاهره، بل هو مصروفٌ، اجْعلْ تَقُولُ، تقول هذا فعل مضارع، -هذا أول شرط-، ابن مالك يذكر الأمثلة ونأخذ منها الشرط، تَقُولُ: هذا فعل مضارع، مبدوء بتاء الخطاب،- هذان شرطان-، إنْ وَلِي مُسْتَفْهَماً: -شرط ثالث-، وَلَمْ يَنْفَصِلِ بِغَيرِ ظرفٍ: -شرط رابع-، أربعة شروط، إن وجدت جاز أن ينصب هذا اللفظ مفعولين كتظن، إن انتفت كلها أو بعضها، لا يجوز أن ينصب به مفعولان إلا في لغة سليم كما سيأتي.
إذاً: تَقُولُ، نقول: هذا مضارع مبدوء بتاء الخطاب، فإن قال: أيقول زيدٌ عالمٌ، وجب الرفع ولا يجوز النصب؛ لأن شرطه أن يكون بتاء الخطاب، تقول: زيداً منطلقاً، نقول: هذا لا يجوز، لماذا؟ لأنه لم يسبقه استفهام.
وَكتَظُنُّ اجْعلْ تَقُولُ: سوَّى به السِّيرافي قلتَ بالخطاب، وهو ضعيف، وسوَّى به الكوفي قل، وهو أمر، تقول: هذا كذلك ضعيف.
إنْ وَلِي تَقُولُ مُسْتَفْهَماً بِهِ من حرف أو اسم كما سيأتي.
وَلَمْ يَنْفَصِلِ عنه بِغَيرِ ظرفٍ، فإن فُصل بظرف لا إشكال، أوْ كَظَرْفٍ وهو الجار والمجرور، أوْ عَمَلْ، يعني: معمول لتقول، إن انفصل بين الاستفهام وبين تقول بواحد من هذه الثلاثة، حينئذٍ نقول: هو باق على أصله من كونه ينصب مفعولين، إن انفصل بغير هذه الثلاث، حينئذٍ نقول: خرج عن الإعمال.
بِغَيرِ ظرفٍ: أَبَعْدَ بُعْدٍ تَقُولُ الدَّارَ جَامِعَةً: أبعد بعدٍ، بعد بعدٍ هذا ظرف، تَقُولُ الدَّارَ جَامِعَةً، أتقول الدار جامعة؟ تقول هنا نصب لأنه فعل مضارع، وبتاء الخطاب، وسبقه استفهام ولم يفصله شيء بينه وبين الاستفهام وهو بمعنى ظن، فتعدى إلى مفعولين، تقول: تقولُ زيداً عالماً، مفعول أول ومفعول ثاني، إذا قلت: أبعدَ بعدٍ تقولُ زيداً عالماً، فصل بين الاستفهام وتقول ظرف، هل يمنعه؟ لا؛ لأنه يتوسع في الظروف والمجرورات ما لا يتوسع في غيرهما.
أعندكَ تقولُ عمراً مقيماً؟
فصل بالظرف الصريح، أفي الدار تقول زيداً جالساً، جار ومجرور جائز.
(أَجُهَّالاً تَقُولُ بَنِي لُؤَىٍّ)؟ - أَوْ عَمَلْ- المراد بالعمل هنا المعمول لتقوم، يعني: بالمفعول
الأول أو بالثاني لا بأس، (أَجُهَّالاً تَقُولُ بَنِي لُؤَىٍّ)؟ أَتَقُولُ: بَنِي لُؤَىٍّ جُهَّالاً؟ فصل بالمعمول الثاني هذا جائز لا يمنعه.
إذاً: وَلَمْ يَنْفَصِلِ .. بِغَيْرِ هذه المذكورات، فإن فصل بغير هذه المذكورات نقول: لا يعمل، ولذلك قال: وَلَمْ يَنْفَصِلِ عنه، يعني: عن الاستفهام بِغَيْرِ ظَرْفٍ، فإن فصل بالظرف فهو باق على أصله، أوْ كَظَرْفٍ وهو الجار والمجرور، أفي الدار تقول زيداً جالساً، أوْ عَمَلْ، يعني: معمول والمراد به ما يعم المفعولين معاً، أي: عمل أحد المفعولين؛ لأنه بمعنى معمول وفي تذكير عمل إشعار بأنه لا يفصل إلا بأحد المفعولين لا بهما معاً؛ لأن التنكير يشعر بالتقليل.