قال الرضي: لا فرق بينهما في المعنى، يعني: بين العلم والمعرفة في المعنى، إذا كانت علم بمعنى عرف تعدت إلى مفعول واحد، كقوله: علمتُ زيداً عرفته عرفت زيداً، ومنه قوله تعالى: ((وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا)) [النحل:78]، يعني: لا تعرفون شيئاً، فالعلم هنا بمعنى المعرفة.
وكذلك إذا كانت (ظنَّ) بمعنى اتهم تعدت إلى مفعول واحد، ظننتُ زيداً اتهمته، ((وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ)) [التكوير:24]، ضَنِينٍ أي: بمتهم هو، وتقول لمن سرق ماله: وظننتُ زيداً، يعني: اتهمته، إذا سرق المال، ظننتُ زيداً، يعني: هو السارق اتهمته بالسرقة، ((وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ)) أي: بمتهم، واسم المفعول منه: مظنون الظنين، وحينئذٍ إذا قيل: بأن علم بمعنى عرف تتعدى إلى مفعول واحد، وظن بمعنى اتهم تتعدى إلى مفعول واحد، هل هما من هذا الباب؟ ليس من هذا الباب، إذاً: ليست من التي تنصب مفعولين.
وَلِرَأَى الرُّؤْيَا انْمِ مَا لِعَلِمَا ... طَالِبَ مَفْعُولَيْنِ مِنْ قَبْلُ انْتَمَى
وَلِرَأى الرُّؤيا: رأى التي مصدرها الرؤيا، احترازاً من رأى التي مصدرها رؤية بالتاء؛ لأنها تكون بصرية، وأما رأى التي مصدرها الرؤية فهي رأى الحُلُمية، -منام-، رأى شيئاً في المنام، هذه رأى تتعدى إلى مفعولين، مثل: علم ونحوه، وهذا سبق التنبيه عليه في أوله. وَلِرَأى الرُّؤيا يعني: التي مصدرها الرؤية، أضاف رأى للرؤية ليُعلم أنها الحلمية؛ لأن مصدرها الرؤية، في المشهور، وإلا ابن هشام يخالف في هذا.
وَلِرَأى الرُّؤيا انْمِ: انْمِ يعني: انسب لِرَأى الرُّؤيا، مَا لِعَلِمَا: يعني: ما انتمى لعلم حال كونه: طَالِبَ مَفْعُولَيْنِ مِنْ قَبْلُ: علم لها قبل وله بعد الآن في كلام الناظم، ذكرها أولاً تنصب مفعولين، وذكرها ثانياً: تنصب مفعولاً واحد، الذي هو: لِعِلْمِ عِرْفَانٍ، فلها إطلاقان: إطلاق تنصب مفعولين، وإطلاق تنصب مفعولاً واحداً، قال هنا: