فالحكم ليس خاصاً بصيغة الماضي، بل هو عام، ولذلك قال: وَلِغَيْرِ الْمَاضِ مِنْ سِوَاهُمَا اجْعَلْ، سوى: هب وتعلم؛ لأنهما لا يأتي منهما إلا الأمر، اجعل لغير الماضي من سواهما كُلَّ مَالَهُ–للماضي- زُكِنْ: علم، من التعليق والإلغاء والدخول على الجملة الاسمية، وكون الأصل أن يتقدم مفعول أول ومفعول ثاني واستيفاء الفاعل ونحو ذلك، كل الأحكام السابقة ليست خاصة بالفعل الماضي، بل يكون في الفعل المضارع والأمر إن وجد منه، وكذلك اسم الفاعل اسم المفعول والمصدر.
وَلِغَيْرِ الْمَاضِ مِنْ ... سِوَاهُمَا اجْعَلْ: اجعل لغير الماضي، لغير الماضي هذا مفعول ثاني، يعني: هو متعلق بقوله اجعل، لكنه مفعول ثاني لاجعل.
ومِنْ سِوَاهُمَا -سوى هب وتعلم- هذا يحتمل أنه نعت لغير، ويحتمل أنه حال لبيان الواقع، حال لازمة أتى به لبيان الواقع، أي: اجعل كل الأحكام التي علمت للماضي ثابتة لغير الماضي حالة كونه جائياً من سوى هب وتعلق، حينئذٍ تقول: يظن زيدٌ عمراً قائماً، أنا ظانٌّ زيداً عمراً قائماً، وهَلُمَّ جَرّاً.
وَلِغَيْرِ الْمَاضِ، ما هو غير الماضي؟ هو المضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والمصدر، ولا يشمل الصفة المشبهة وأفعل التفضيل وفعل التعجب ليست داخلة هذه، أما الصفة المشبهة لأنها لا تصاغ إلا من لازم فلا تنصب، (وَصَوغُهَا مِنْ لاَزِمٍ لِحَاضِرِ)، فلا تنصب، حينئذٍ كيف تتعدى -هي لازمة-؟ حينئذٍ لابد من أن يكون هذا الفعل متعد إلى مفعولين، ينصب مفعولاً أول ومفعول ثاني، وهذه لازمة ليست بمتعدية، وما بعدها الذي هو أفعل التفضيل هذا لا ينصب مفعولاً، بل المشهور أنه لا يرفع فاعلاً ظاهراً إلا في مسألة واحدة، وإنما يرفع ضميراً مستتراً فحسب فلا ينصب، حينئذٍ كيف يكون ناصباً لمفعولين، وكذلك فعل التعجب لا يتعدى إلا إلى واحد، ما أحسن زيداً، إذاً: لِغَيْرِ الْمَاضِي مراده به المضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والمصدر، وما عداه فلا.