قال الشارح: تقدم أن هذه الأفعال قسمان أفعال قلوب وأفعال تحويل، أفعال القلوب: هذه منقسمة إلى قسمين: متصرفة وغير متصرفة، متصرف: بمعنى أنه يأتي منه ماضٍ وأمر ومضارع، يتصرف فيه، وأما غير المتصرف فهذا الذي يلزم حالة واحدة: ماضي لا يأتي منه مضارع، مثل نِعمْ، نِعْم لا يأتي منه مضارع ولا أمر إلى آخره فهو لازم للماضي، أو مضارع لم يسمع له ماضٍ ولا أمر ولا آخره، مثل: يذر، أو أمر لم يسمع له ماضي ولا مضارع، مثل: هب تعلم، هذه ملازمة، قد يلازم، ليس دائماً يكون ملازماً للماضي، غير متصرف الجامد، قد لا يكون ماضياً فحسب، قد يكون أمراً مثل هب، هذا جامد نقول فيه، ليس الأمر والشأن خاصاً بنعم وبئس وعسى وليس أنها جامدة لا تتصرف؛ لأنها أفعال ماضية، لا، قد يكون فعل مضارع، مثل: يذر، وقد يكون فعل أمر، مثل: هب وتعلم، ومتصرف هذا قد يكون متصرفاً تصرفاً تاماً، بمعنى أنه يؤتى منه بالماضي والمضارع والأمر، واسم الفاعل واسم المفعول، وقد يكون تصرفه ناقصاً فيما إذا سمع له شيئٌ واحد فحسب، قد يكون له مثلاً اسم فاعل، وليس له مضارع، أو يكون له مضارع ولا يصاغ منه اسم الفاعل ولا اسم المفعول، نقول: هذا متصرف، لكن تصرفه ناقص وليس بتام.

فالمتصرفة ما عدى هب وتعلم، كما قال الناظم: والأَمْرَ هَبْ قَدْ أُلْزِمَا ... كَذَا تَعَلَّمْ.

فيستعمل منها المتصرف الماضي: ظننت زيداً قائماً، هذا هو الأصل فيها، وغير الماضي كالمضارع: أظن زيداً قائماً، يعمل عمله، زيداً، هذا مفعول أول لـ (أظن) وقائماً مفعوله الثاني، والأمر كذلك: (ظُنَّ) زيداً قائماً، (ظُنَّ) هذا فاعله ضمير مستتر، استوفى فاعله وزيداً مفعول أول وقائماً مفعول ثاني.

إذاً: نصب كما أن (ظنَّ) الماضي ينصب، و (يظن) كذلك نصب مفعولين كما أن (ظنَّ) الماضي ينصب، واسم الفاعل: أنا ظانٌّ زيداً قائماً، أنا مبتدأ، وظانّ خبر، وفيه ضمير مستتر فاعل، وزيداً مفعول أول لظانّ وهو اسم، وقائماً مفعول ثاني، حينئذٍ تأخذ من هذا أن بعض الأسماء يتعدى إلى مفعولين، اسم الفاعل قد يتعدى إلى مفعولين، قد يظن الظانّ أنه خاص بالفعل أنه يتعدى إلى مفعولين، إذا اشتق من (ظنَّ) اسم فاعل حينئذٍ نقول: يتعدى إلى مفعولين، أنا ظانٌّ زيداً قائماً، دائماً نمثل: أنا ضارب زيداً، مفعول واحد، لأن ضرب يتعدى إلى واحد، فإذا كان الأصل الماضي يتعدى إلى واحد تعدى اسم الفاعل إلى واحد، وإذا كان الأصل يتعدى إلى اثنين حينئذٍ تعدى إلى اثنين، أنا ظانٌّ زيداً قائماً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015