إذاً: يريد أن يخرج بعض الأفعال التي لا تنصب المفعولين، أو أراد أن يخصص قوله: بِفِعْلِ الْقَلْبِ وهو لفظ عام أراد أن يخصصه بما ينصب المفعولين، وأما ما لا ينصب إلا مفعولاً واحداً كعرف وفهم فليس داخلاً في الباب، وما كان لازماً كجبن وحزن ليس داخلاً في الباب، ولذلك قال: أعْنِي.
رَأَى خَالَ عَلِمْتُ وَجَدَا
رأَى؛ وما بعدها كلها معطوفات عليها بحذف الواو، وهذا جائز قلنا في الشعر اتفاقاً، يعني: يسقط حرف العطف.
رأَى خَالَ عَلِمْتُ: (رأى وخال وعلمت ووجد وظن وحسبت وزعمت)، هذه كلها معطوفات على رأى، ورأى ما إعرابها؟ مفعول به قصد لفظه، هي فعل كيف وقعت مفعولاً به والمفعول به من علامات الأسماء؟ نقول: (رأى) قصد لفظه وصار علماً، وحينئذٍ تسلط عليه العامل وهو (أعني).
و (خال وعلمت ووجد وظن وحسبت وزعمت) كلها معطوفات في محل نصب على رأى.
مَعَ عَدْ: هذا حال من فاعل أعني، مَعَ: ظرفاً متعلقاً بمحذوف منصوب على أنه حال من فاعل أعني.
مَعَ عَدْ: عدَّ، وحجا ودرى وجعل، حجا ودرى وجعل هل هي معطوفات على رأى؟ لا، مَعَ عَدْ، (عد وحجا ومع حج ومع درى ومع .. إذاً معطوف على الأخير، لو لم يأت بـ (مع) حينئذٍ صار العطف على (رأى)، وأما لما فصل الكلام حينئذٍ نقول: معطوف على المتأخر، وحينئذٍ: (خَالَ عَلِمْتُ) في محل نصب، و (حَجَا ودَرَى وَجَعَلَ وَهَبْ وتَعَلَّمْ) في محل جر، قصد لفظه فهو في محل جر.
قال:
وَجَعَلَ اللَّذْ كَاْعْتَقَدْ
وَجَعَلَ اللَّذْ: اللَّذْ ما هذا؟
حذف الياء ضرورة للوزن.
نقول: لغة ولا نقول: حذف الياء للضرورة.
وَجَعَلَ اللَّذْ: قلنا: فيها لغات، منها هذا اللفظ اللَّذْ بإسكان الذال وحذف الياء.
وَجَعَلَ اللَّذْ كَاْعْتَقَدْ
كَاْعْتَقَدْ: جار ومجرور متعلق بمحذوف استقر؛ لأن اللَّذْ اسم موصول يحتاج إلى صلة، وصلة الموصول فعل، وحينئذٍ استقر كَاْعْتَقَدْ.
احترز بهذا -قيد هذا اللفظ- لأنَّ (جعل) تأتي بمعنى الشروع، فعل الشروع الذي سبق معنا في باب أفعال المقاربة، وتلك ماذا تعمل؟ ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، وهنا تنصب المبتدأ والخبر؛ لأنها بمعنى اعتقد، والاعتقاد هذا فعل قلبي.
وَهَبْ: هذا معطوف على عَدْ وتَعَلَّمْ بإسقاط حرف العطف.
ثم:
...... وَالَّتِي كَصَيَّرا ... أَيْضَاً بِهَا انْصِبْ مُبْتَدَاً وَخَبَرَا
وَالَّتِي: هذا مبتدأ.
كَصَيَّرا: ماذا يعني صَيَّرا؟ وَالَّتِي كَصَيَّرا؛ أين جملة الصلة؟ - عَلَى ضَمِيرٍ لائِقٍ مُشْتَمِلَهْ -، التي استقرت، استقرت بالتاء، لماذا؟ لأنه يشترط في الضمير أن يكون مطابقاً لما سبق –للموصول-.
وَالَّتِي كَصَيَّرا: بِهَا، انصب بها.
انْصِبْ: هذه الجملة وقعت خبر، وهي جملة طلبية، وحينئذٍ يرد أن الناظم يرى جواز وقوع الجملة الطلبية خبراً عن المبتدأ، وهو الصحيح كما عليه الجمهور.
وَالَّتِي كَصَيَّرا: يعني تدل على التحويل، انْصِبْ بِهَا: بها جار ومجرور متعلق بقوله: انْصِبْ، وهو خبر والمبتدأ الجملة، أيْضاً: آض يئيض أيضاً مفعول مطلق، والعامل فيه محذوف وجوباً.
انْصِبْ مُبْتَداً: مفعول به.
وَخَبَرَا: معطوف عليه.
انْصِبْ مُبْتَداً وَخَبَرَا: بعد استيفاء فاعلها ..