حينئذٍ الإعمال هو الأصل، وهذا مشروط في الوجوب -بوجوب الإعمال- إذا تقدم الفعل على معموليه، ظننت زيداً قائماً، عند البصريين يجب النصب هنا، هذا واجب، لا يجوز الإهمال إلا على مذهب الكوفيين. ظننت زيداً قائماً، ظننت: فعل وفاعل، وزيداً: مفعول أول، وقائم: مفعول ثاني. ما حكم الإعمال هنا؟ واجب، وسيأتي:

وَجَوِّزِ الإِلْغَاءَ لاَ فِي الاِبْتِدَا ...

جَوِّزِ الإِلْغَاءَ لاَ فِي الابْتِدَا: في ابتداء الكلمة لا، في ابتداء الجملة لا، إذا جاء العامل في أول الجملة تعين النصب.

وأما إذا توسط أو تأخر فحينئذٍ الإعمال جائز والنصب جائز، زيداً ظننت قائماً، زيداً قائماً ظننت؛ النصب هنا واجب أم جائز؟ جائز ليس بواجب.

إذاً قوله: انْصِبْ؛ يحمل على الوجوب فيما إذا تقدمت الأفعال، وعلى الجواز فيما إذا توسطت أو تأخرت، وحينئذٍ استعمل (افعل) في معنيين: الوجوب والجواز، الإباحة يعني، مع الاختلاف في الترجيح فيما إذا توسطت أو تأخرت، كما سيأتي؛ المراد أن قوله: انْصِبْ؛ ليس مطلقاً، بل لا بد من تقييده أو التفصيل، إما أن يقال بأنه يجب النصب إذا تقدم وهذا خاص بها، وإما أن يقال: بأن (انْصِبْ) ليس على ظاهره وهو وجوب النصب، بل يشمل ما وجب النصب وذلك إذا تقدمت الأفعال على معموليها، وأما إذا توسطت أو تأخرت فيجوز، -فالنصب جائز-، زيداً ظننت قائماً جائز وليس بواجب.

انْصِبْ وجوباً وجوازاً -هكذا نقدره- انْصِبْ وجوباً وجوازاً بِفِعْلِ الْقَلْبِ: يعني: بالفعل الذي هو حدث وقائم بالقلب.

انْصِبْ بِفِعْلِ الْقَلْبِ، فالعامل هو عين الفعل.

جُزْأَي ابْتِداَ أي: جزأي جملة ذات ابتداء، يعني: كأن الجزأين مبتدآن، نقول: ليس هذا المراد، جُزْأَي ابْتِداَ على تقدير ماذا؟ أي: جزأي جملة ذات ابتداء، والجملة التي تكون ذات ابتداء هي الجملة الاسمية.

إذاً: انْصِبْ بِفِعْلِ الْقَلْبِ: بفعل: جار ومجرور متعلق بقوله: انْصِبْ.

جُزْأَي: هذا مفعول به، وهو مضاف وابتدا مضاف إليه. ما المراد بجزأي الابتداء؟ جزأي جملة ذات ابتداء يعني: ذات مبتدأ، وحينئذٍ يرى الناظم خلافاً للسهيلي أن هذه الأفعال خاصة بالمبتدأ والخبر، وأن ما كان ظاهره أنه ليس مبتدأ وخبراً نحو: ظننت زيداً عمْراً حينئذٍ يؤول على ما ذكرناه سابقاً.

جُزْأَي ابْتِداَ قال: أعْنِي: أتى بالعناية، والعناية إنما يؤتى بها إذا كان ثَمَّ إيهام أو إبهام أو عموم أو إطلاق، وليس الأمر كذلك على إطلاقه، أو ليس الأمر على عمومه، وحينئذٍ نحتاج إلى التفصيل، لو قال: أعْنِي؛ لأن قوله: فِعْلِ الْقَلْبِ نقول: أفعال القلوب ليست كلها تنصب مفعولين، بل بعضها ما هو لازم، حزن زيد، حزن، الحزن مقامه في القلب، معنىً قائم بالقلب، وبعضها يتعدى إلى مفعول واحد؛ عرفت زيداً –معرفة-، فهمت المسألة، فهم هذا محله القلب وهو فعل قلبي، هل يتعدى إلى مفعولين؟ الجواب: لا، وكذلك: عرف، وكذلك بعضها لازم ولا يتعدى، نحو: حزن وجبن، فلذلك قال: أعْنِي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015