أما النوع الثالث وهو أن تكون للتمني، فهذا ليست الأحكام باقية كما هي، وإذا قُصِد بألا التمني فمذهب المبرد والمازني أنها تبقى على جميع ما كان لها من الأحكام، وهذا ظاهر كلام الناظم؛ لأنه لم يفرِّق بين استفهام النفي ولا التوبيخ ولا التي بمعنى التمني فسوى بين الأحكام كلها فدل على أنه وافق المبرد والمازني في اختار أن الأحكام باقية مع ألا التي للتمني، وعليه يتمشى إطلاق المصنف.

ومذهب سيبويه أنه يبقى لها عملها في الاسم خاصة، إذاً إذا كانت للتمني ثم فروق بين (ألا) بعد دخول الهمزة وقبل دخول الهمزة.

منها: أنها لا عمل لها إلا في الاسم خاصة، ولا يكون لها خبر في اللفظ ولا في التقدير -هذا من الفوارق بين ألا التي للتمني وقبل دخول الهمزة- أنه يبقى لها عملها في الاسم خاصة، تعمل في الاسم، إذاً هي تعمل، بقي عملها، لكن بعض العمل وهو الاسم فقط أما الخبر فليس لها خبر لا في اللفظ ولا في التقدير، ولا يتبع اسمها إلا على اللفظ خاصة، أما المحل فلا، لا يتبع اسمها إلا على اللفظ خاصة، ولا يلغى بحالٍ ولا تعمل عمل ليس، ولا يلغى عملها بحال، بخلاف تلك.

ومن استعمالها للتمني قوله: (أَلاَ مَاءَ مَاءً بَارِداً) يعني يتمنى ماءً بارداً:

أَلاَ عُمْرَ وَلَّى مُسْتَطَاعٌ رُجُوعُهُ ... فَيَرْأَبَ .. ، ألا عُمْر يعني التمني ما الدليل على أن ألا هنا استعملها في التمني، نَصْبُ المضارع فَيَرْأَبَ نَصَبَ المضارع بعد الفاء الواقعة جواب التمني.

ومن المواضع التي ينصب الفعل المضارع أن يكون بعد فاء السببية أو الواقعة في جواب التمني، وهذا منها.

حينئذٍ أَلاَ عُمْرَ وَلَّى، هذا دل على أنه أراد التمني، يتمنى عمر ولى، فَيَرْأَبَ هذا جواب الطلب، بدليل نصب الفعل المضارع بعده.

إذاً في هذه الحالة نقول: تفترق (ألا) بعد (لا) النافية للجنس بعد دخول الهمزة التي يراد بها التمني عما قبل دخولها.

قال: بل يجب في وصفهِ والمعطوفِ النصبُ ولا خبر لها وهذا على مذهب سيبويه؛ لأنها جاءت بمعنى أتمنى، فكأن اسمها مفعول به فلذلك لا تحتاج إلى خبر، كأن الاسم صار مفعولاً به لأن (ألا) في معنى أتمنى، حينئذٍ لا تحتاج إلى خبر.

ولا يجوز رفع المعطوف ولا النعت ولا تُلغى لأنها بمعنى ليت، وليت لا يجوز إلغاؤها كما سبق معنا، ولا مراعاة محل اسمها ولا يجوز في العطف على اسمها ولا وصفه إلا بالنصب.

إذاً نقول: (ألا) إذا كانت للتمني حينئذٍ ثم فروق بينها وبين (لا) التي لنفي الجنس، يبقى عملها من حيث الجملة وتفترق عنها في بعض المسائل.

وَشَاعَ فِي ذَا البَابِ إِسْقَاطُ الْخَبَرْ ... إِذَا الْمُرَادُ مَعْ سُقُوطِهِ ظَهَرْ

قلنا (لا) هذه تقتضي اسماً وخبراً هذا الأصل فيها لأنها محمولة على إنَّ وقلنا من وجه المشابهة بينها وبين إنَّ دخولها على المبتدأ والخبر، إذاً لا بد لها من خبرٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015