وَشَاعَ أي كثر فِي ذَا البَابِ لا غيره لأن الأصل في الخبر أن يكون عمدة والأصل في العمدة أنه لا يجوز حذفه، هذا الأصل فيه، لكن كثر في هذا الباب على جهة الخصوص وهو باب (لا) النافية للجنس، ولذلك لم يطلق، فحينئذٍ لما قيد هنا: فِي ذَا البَابِ قد يستفاد بأن قوله: وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ، قلنا (ما) هذه يحتمل أنها عامة تشمل الباب الذي ذكر فيه وغيره.
وذكر بعضهم أنها خاصة، التقييد هنا فِي ذَا البَابِ قد يستفاد منه أن قوله هناك أراد به العموم إذ لو كان مراداً به الخصوص لقيد كما قيد هنا.
وَشَاعَ أي كثر وذاع فِي ذَا البَابِ: باب "لاَ" النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ لا غيره إسْقَاطُ الخَبَرْ بمعنى حذف، جوازاً عند الحجازيين ولزوماً عند التميميين والطائيين إسْقَاطُ الخَبَرْ إما على جهة الجواز وإما على جهة الإيجاب، جوازاً عند الحجازيين ووجوباً عند التميميين، قال: الخَبَرْ أطلق هنا فدل على العموم يعني: سواء كان مفرداً أو كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً أو غيرهما، حينئذٍ إسْقَاطُ الخَبَرْ: لا رجل قائم هذا الأصل لو قال: هل من رجل في الدار قال: لا رجل، فأسقط الخبر للعلم به، نقول جائز مع كونه ليس ظرفاً ولا جاراً ومجروراً.
إذَا الْمُرَادُ مَعْ سُقُوطِهِ ظَهَرْ، يعني هذا قيد إسقاط الخبر ليس على إطلاقه، لأن ما لا يُعلم لا يجوز حذفه، حينئذٍ إذا علم الخبر وجب إسقاطه عند التميميين وجاز عند الحجازيين، وأما إذا لم يعلم فالمنع مطلقاًَ عند الطائفتين لا يجوز حذف الخبر.
إذَا الْمُرَادُ: الْمُرَادُ هذا فاعل، إذا ظهر المراد لأن ذا جاءت بعد إذا فهي شرط.
إذَا الْمُرَادُ يعني إذا ظهر المراد مَعْ سُقُوطِهِ ظَهَرْ بقرينة (قالوا لا ضير)، (فلا فوت)، لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله -لا حولَ- من الأول.
حينئذٍ خلاصة هذا الباب أنه يجوز حذف الخبر إذا علم عند الحجازيين ويجب عند التميميين. إذا دل دليل على خبر لا النافية للجنس وجب حذفه عند التميميين والطائيين وكثر حذفه عند الحجازيين، ومثاله أن يقال هل من رجل قائم فتقول لا رجل تحذف الخبر وهو قائم وجوباً عند التميميين والطائيين وجوازاً عند الحجازيين، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الخبر غير ظرف ولا جار ومجرور كما مُثِّل، أو ظرفاً أو جاراً ومجروراً نحو أن يقال: هل عندك رجل أو هل في الدار رجل فتقول لا رجل فإن لم يدل على الخبر دليل لم يجز حذفه عند الجميع.
قوله صلى الله عليه وسلم (لاَ أَحَدَ أغْيَرُ مِنَ اللهِ) أغير هذا خبر لا يجوز حذفه ولاَ كَرِيمَ مِنَ الوِلْدَان مَصْبُوحُ، مَصْبُوحُ لا يجوز حذفه لأنه لا يعلم.
إذاً حذف خبر هذا الباب إن علم غالبٌ في لغة الحجاز ملتزم في لغة تميم وطي فلم يلفظوا به أصلاً ومنه (لا ضَيْرَ) (فَلا فَوْتَ) "لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ" "لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ " "لاَ بَأْسَ، لاَ بَأْسَ"، يعني لا بأس عليك، نقول هذا بأس حذف خبره وهو عليك.