قلنا: لا .. قول مفرد، مفرد هنا وصف لأي شيء؟ للقول، وذهب أبو حيان، كذلك ابن الحاج، وهو الذي ذكره ابن عقيل: أنه لفظ وضع لمعنىً مفرد، مفرد صفة لأي شيء؟ للمعنى، وأيهما أولى بالوصف: القول الذي هو اللفظ، أو المعنى بالإفراد؟ كل منهما على الصحيح يوصف بالإفراد والتركيب، اللفظ قد يكون مفرداً وقد يكون مركباً، وكذلك المعنى قد يكون مفرداً وقد يكون مركباً، إلا أن وصف اللفظ بالإفراد والتركيب أولى؛ لأن المعنى تبع له.

حيث قال: وضع لمعنىً مفرد؛ لأنه كما قال الرضي وغيره: صفته في الحقيقة وإنما يكون صفةً للمعنى بتبعية اللفظ، ولسلامته من الاعتراض بنحو الخبر، فإنه كلمة ومعناه مركب، يعني: لا يشترط في مدلول الكلمة أن يكون المعنى مفرداً، بل قد يكون مدلول الكلمة معنىً مركباً، إذا قلت: الكلام ينقسم إلى قسمين خبر وإنشاء، قد يكون مدلول اللفظ معنىً، وقد يكون مدلول اللفظ لفظاً كما ذكرناه قبل قليل، حينئذٍ إذا قلت: قام زيد، هذا خبر، خبر هذا المفرد أو لا، خبر .. كلمة: خبر مفرد أو لا؟ قولوا: مفرد، مدلوله مفرد أو مركب؟ مركب؛ لأن قام زيد هو مدلول لفظ الخبر، فدل على أن معنى الكلمة أو ما يصدق عليه الكلمة قد يكون مفرداً وقد يكون مركباً، فإذا أخذنا المفرد وصفاً للمعنى، حينئذٍ خرج المعنى المركب.

وضرب، كلمة أو لا؟ كلمة، مدلوله مفرد أو مركب، الفعل يدل على أي شيء؟ على شيئين: حدث وزمن، إذاً: معناه مركب أو لا؟ معناه مركب.

ولسلامته من الاعتراض بنحو الخبر فإنه كلمة، ومعناه مركب، وهو زيد قائم مثلاً، ونحو ضرب فإنه كلمة، ومعناه مركب من الحدث والزمان، إذاً: واحده: كلمة، نقول: المراد بالكلمة هنا: القول المفرد، وسبق أن تعريف المفرد عن النحاة: هو ما لا يدل جزؤه على جزء معناه، وهذا غلط، لا نقول: خلاف الأولى، ولا نقول: قابل للتأويل، نقول: هذا غلط ليس بصواب، كيف غلط وابن هشام في كتبه كلها يقول: المفرد ما لا يدل جزؤه على جزء معناه؟!

نقول: تسليمهم بهذا التعريف لزم منه محذور، وهو المركب الإضافي علماً، عبد الله مركب إضافي، أليس كذلك؟ إذا أريد به الوصف تقول: هذا عبد الله، يعني: يعبد الله تعالى، هذا لا إشكال فيه عندهم أنه مركب، لكن لما نقل وجعل علماً صار مسماه شيئاً واحداً، فمدلول عبد الله علم المدلول زيد، مدلول زيد نفسه ذات مشخصة، كما قلنا هناك: زيد لا يدل جزؤه على جزء معناه: زه .. يه .. ده، لا يدل واحد من هذه الأجزاء على جزء المعنى الذي دل عليه اللفظ كله، وهو زيد.

عبد الله صار مثله، لا يدل جزؤه على جزء معناه، فعبد لا يدل شيء البتة، ولفظ الجلالة لا يدل على شيء البتة، فعبد هذه كالزاي من زيد مثلها، هذا مسلم عند المناطقة أو لا؟ مسلم عند المناطقة، لكن عند النحاة غير مسلم، بل عبد الله علماً، نقول: هذا مركب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015