ولذلك سيأتينا أن العلم منه مركب إضافي، فحينئذٍ إذا كان مركباً إضافياً وهو علم باعتبار أصله، مركب إضافي وبعد العلمية، هل خرج عن كونه مركباً إضافياً أم لا؟ الصواب: لا، لم يخرج عن أصله، بل هو مركب، عبد الله وصفاً، وعبد الله علماً مركب إضافي، إذا قلنا: المفرد هو ما لا يدل جزؤه على جزء معناه شمل عند المناطقة نوعين: زيد وعبد الله فهو مفرد، لأنه لا يدل جزؤه على جزء معناه، وإذا قلنا: عبد الله مركب إضافي، وسلمنا بهذا في باب النحو حينئذٍ إيراد تعريف المناطقة يترتب عليه تناقض، ولذلك نعدل عنه إلى تعريف المفرد بأنه الكلمة الواحدة، والملفوظ مرة واحدة، أو اللفظ الواحد، هذا أجود ما يعرف به المفرد.
وقد بين ذلك ياسين الحمصي في حاشيته على مجيب النداء، وكذلك ابن اللحام في مختصر أصول الفقه، والفتوحي في شرح الكوب، نصوا على أن المفرد بهذا الحد خطأ، وهو من خلط اصطلاح باصطلاح كما قال البيجوري في شرح العمريطي لنظم الأجرومية، إذاً: هذا القول ليس من كيسي، بل أنا متابع لغيري، فنقول: هذا الحد غلط، ماذا أجابوا عن: عبد الله علماً؟
قال السيوطي: وهو مشى على هذا القول: أن تعريف المفرد ما ذكرناه، وكذلك الأشموني، قالوا: قول مفرد شمل الحد الكلمة تحقيقاً كزيد، وتقديراً كأحد جزئي العلم المضاف كعبد الله، فجعلوا الكلمة نوعين:
كلمة تحقيقاً كزيد، وكلمة تقديراً، ما المراد بالكلمة تقديراً هنا؟ قالوا: أحد جزئي العلم المضاف، عبد: هذا كلمة، لكنه ليس حقيقةً، لماذا ليس حقيقةً؟ لأنه لا يدل جزؤه على جزء معناه، أولاً: عبد الله مفرد لا يدل جزؤه على جزء معناه، لما كان هذا مركباً إضافياً، والإضافة تقتضي مضافاً ومضافاً إليه، كم كلمة؟ كلمتين، كيف نقول: هو كلمة، ثم هو مؤلف من كلمتين؟ تناقض أو لا؟ تناقض، انفكوا عن هذا التناقض قالوا: عبد الله، كله كلمة تحقيقاً، ثم عبد كلمة تقديراً ولفظ الجلالة كلمة تقديراً، وهذا فاسد، لماذا؟
لأنه لو جعل عبد الله كله كلمةً واحدة .. كلمة واحدة تحقيقاً كزيد، نقول: زيد، جاء زيد، ورأيت زيداً، ومررت بزيد، أين ظهر الإعراب؟ أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة، إذاً محل الإعراب آخر الكلمة، أليس كذلك؟ فزيد: جاء زيد، زيد نقول: هذا معرب، وهو فاعل، ورفعه ضمة ظاهرة في آخره وهو ضم الدال
، واضح الكلام أو هذه أسرار؟ هي من أسرار النحو، لكنها ليست عليكم، إذاً: جاء زيد، زيد، نقول: هذا فاعل، ورفعه ضمة ظاهرة على آخره، لو قلت: جاء عبد الله، جاء: فعل ماض، وعبد الله: لو قلنا: إنه كلمة تحقيقاً كزيد، أين يظهر الإعراب؟ على الهاء، جاء عبد الله، هذا الأصل، هل يسلمون بهذا؟ لا يسلمون، كيف يكون كلمةً تحقيقاً ثم يظهر الإعراب في أثناء الكلمة، جاء عبد الله .. رأيت عبد الله .. مررت بعبد الله، كيف يكون كلمةً تحقيقاً ثم يظهر الإعراب في أثناءه، ولذلك هذا باطل.