فحينئذٍ يقال فيها: إنها كلمة، لكنها في هذا المقام لعدم استقلالها، لماذا لم تستقل؟ نقول: لامتزاجها بمدخولها، ما الدليل على أنها امتزجت بمدخولها؟ تخطي العامل لها: ((لَمْ يَلِدْ)) [الإخلاص:3] .. لم اضرب .. لو قيل: أضرب، الهمزة هذه كلمة، وهي: مراعاة، يعني: ننظر إليها، ولها استقلال، فحينئذٍ: لمْ- أَ- .. دخل الحرف على الحرف، وهذا خلل، هل يدخل الحرف على الحرف؟ الجواب: لا، دخول الحرف علامة على الاسمية، لم أضرب، ملحظ آخر: لم، هذه تجزم، فلو جوزنا جدلاً دخول الحرف على الحرف، حينئذٍ أين ظهر أثر لم؟ في آخر: أضربْ –الباء-، لو كانت: لم داخلةً على الهمزة لظهر أثرها فيها وعليها، ولكن لما ظهر في آخر الكلمة: أضرب، دل على أن الهمزة جزء من الفعل لا ينفك عنه البتة، إذاً: تخطي العامل لهذه الأحرف أحرف المضارعة دليل على أن هذه الكلمة التي هي حرف المضارعة امتزجت بالفعل حتى صارت جزءً منه.

وهذا ما ذهب إليه الرضي، قال: من أنها مع ما هي فيه كلمتان في الأصل، صارتا واحدةً لشدة الامتزاج فجعل الإعراب على آخره كالمركب المزجي، إذاً: الأصح إسقاط لفظ: مستقم.

ولم يزد، أو نزد: دال بالوضع كما قال بعضهم: اللفظ الدال بالوضع، لماذا احتاج الدال بالوضع؟ لأنه أخذ اللفظ جنساً في حد الكلمة، وإذا أخذنا القول جنساً في حد الكلمة لا نحتاج إلى هذا الفصل؛ لأنه خرج بالجنس، فقولنا: قول، حينئذٍ اختص بماذا؟ بالموضوع الذي هو المستعمل، وإذا قيل: هي لفظ، الكلمة لفظ نحتاج إلى ماذا؟ إلى إخراج المهمل، فلا بد من فصل، فحينئذٍ صار لفظ القول جنساً قريباً في الحد، وصار اللفظ اللفظي جنساً بعيداً، واستعمال الأجناس القريبة هو المعتمد عند أرباب الفنون والحدود، دون أن يجعل اللفظ البعيد هو المأخوذ جنساً في حد الكلمة أو في حد اللفظ.

ولم نزد دالاً بالوضع مخرجاً المهمل؛ لأن من أخذ اللفظ جنساً في الحد احتاج إلى هذا القيد، ومن أخذ القول جنساً أسقط هذا القيد؛ لأن القول موضوع لمعنى، وما قيل: من أن ذكر اللفظ أولى عند بعضهم وهو أولى .. أن ذكر اللفظ أولى لإطلاق القول على غيره، كالرأي هذا ممنوع عند بعضهم، كابن هشام وغيره، ولذلك ذهب في القطر إلى أن استعمال الأجناس البعيدة مع إمكان القريبة معيب عند أهل النظر، والصواب أنه ليس معيب، وإنما هو ترك للأولى.

كالرأي ممنوع لعدم تبادره إلى الأذهان إذ هو مجاز .. استعمال القول مراداً به الرأي والاعتقاد، هذا قول الشافعي، يعني: رأي الشافعي، هذا اعتقاد .. هذا قول أهل السنة والجماعة، يعني: اعتقاد أهل السنة والجماعة، إذاً: استعمل لفظ القول في الرأي والاعتقاد، فحينئذٍ أخذه جنساً في حد الكلمة أو الكلام نقول: هذا لفظ مشترك، وإذا كان كذلك فاللفظ المشترك ممنوع في الحدود، وفي الحد جعلنا الإفراد صفة القول، وجعله ابن الحاجب وأبو حيان صفة المعنى، حيث قالوا: وضع لمعنىً مفرد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015