إذاً: وَبَعْدَ ذَاتِ الْكَسْرِ: لا بعد غيرها، والمراد: لا بعد غيرها مما يذكر في هذا الباب وهو (أن وأخواتها)، وأما الخبر والمبتدأ وظن ونحوها هذه لا علاقة لها بهذا الباب.
وَبَعْدَ ذَاتِ الْكَسْرِ
ذَاتِ: هذه مؤنث ذُو بمعنى: صاحبة، صاحبة الكسر دون غيرها من أخواتها، فإن دخلت على غير (إنَّ) حكمنا بزيادتها، أي: مع كونها مفيدة للتأكيد فالمنسلخ عنها كونها لام الابتداء فقط؛ لأننا إذا قلنا بأنها زائدة إما أن نقول: الزيادة شاذة، وإما أن نقول: الزيادة معتبرة، إن قلنا شاذة لا قياس عليه، إن قلنا معتبرة حينئذٍ الأصل أنه لا يزاد شيء إلا لفائدة، وحينئذٍ لام الابتداء هل دخلت للمعنى الذي وضع لها في لسان العرب أو لا؟ نقول: لا. هنا إذا استعملت زائدة نقول: خرج وانسلخ عنها المعنى الأصلي وهو معنى الابتداء، لا كونها تفيد التأكيد؛ لأن كل حرف زائد دخل على جملة أفاد التأكيد وإن لم يفد المعنى الذي وضع له في لسان العرب.
إذاً: وَبَعْدَ ذَاتِ الْكَسْرِ؛ وهي إن المكسورة دون غيرها من أخواتها، فإن دخلت على غير (إنَّ) حكمنا بكونها زائدة كما سيأتي لَعَمِيدُ وغيرها.
ومعنى كونها زائدة؛ أنها تفيد التأكيد -إذا لم نحكم عليها بالشذوذ- تفيد التأكيد لكن لا كونها لام الابتداء، فليست هي لام الابتداء، فانسلخ عنها معنى كونها لام الابتداء ولم ينسلخ عنها التأكيد الذي يكون ملازماً للحرف الزائد.
تَصْحَبُ الْخَبَرَ ... لامُ ابْتِدَاءٍ
الْخَبَرَ: هذا مفعول به، ولامُ ابْتِدَاءٍ: هذا مضاف ومضاف إليه وهو فاعل.
تصحب لام ابتداء الخبر جوازاً لا وجوباً، يعني لا يجب وإنما هو جائز.
نَحْوُ: إنِّي لَوَزَرْ
لَوَزَرْ: يعني ملجأ يلجأ إليه ويستعان به.
إنِّي لَوَزَرْ: إني، إن: حرف توكيد ونصب، والياء اسمها في محل نصب، واللام هذه لام الابتداء.
وَزَرْ: هذا خبر (إنَّ) مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة على آخره.
إذاً: دخلت اللام هنا على خبر (إنَّ) المكسورة، أصل التركيب: لَإِنَّ، استثقل وجود حرفين بمعنىً واحد، فزحلقت اللام من (إنَّ) إلى الخبر، زحلقت اللام من (إنَّ) إلى خبره، وحينئذٍ نقول: الأصل في هذه اللام أن تكون في أول الكلام، لماذا؟ لأن لها الصدر، يعني مثل: (إنَّ) ومثل (من) الشرطية والاستفهامية، و (ما) التعجبية، و (كم) نقول: مثلها لام الابتداء، لها أحقية الصدارة في الكلام، فحقها أن تدخل على (إنَّ) نحو: لئن زيداً قائم، هذا الأصل.