وأيضاً: فإنها أفعال ضعيفة لا تتصرف، فلها حال ضعف ولها حال قوة. لها حالان: حال ضعف وحال قوة، حال ضعف بالنسبة للأفعال الكاملة التصرف، فلم تتقدم أخبارها لتفضلها كان وأخواتها؛ لأنها إذا تقدمت أخبارها على الأفعال ساوت كاد، ونحن نريد أن تكون أدنى من كان، فحينئذٍ نمنع التصرف فيها بحيث لا تفضل كان وتساويها من كل وجه، بل لا بد أن تكون قاصرة. هكذا قال.
وحال قوة بالنسبة للحروف، فأجيز توسطها تفضيلاً لها على (إن وأخواتها).
إذاً: منع تقدم الخبر على كاد من أجل ألا تساوي كان، فتصير كان أعلى منها فاضلة عليها وهي مفضولة، وجاز توسط الخبر بين الاسم وكاد من أجل أن تكون غالبة لباب (إن)؛ لأنه لا يجوز التقديم والتأخير هناك. هكذا قال رحمه الله. هذا أولاً.
فإن اقترن بـ (أن) ففي التوسط قولان. إذاً قلنا: لا يجوز أن يتقدم الخبر على الفعل نفسه، أن يقوم عسى زيد: باطل. هل يجوز التوسط؟ قلنا: إذا لم يكن متصلاً بـ (أن) جائز اتفاقاً، طفق يصليان الزيدان، إن اتصل بـ (أن) هل يجوز أن يتوسط؟ فيه قولان: المنع والجواز، هذا متى؟ إذا اتصل بـ (أن)، هل يجوز توسطه بين الفعل والاسم؟ فيه قولان:
الأول: الجواز كغيره.
والثاني: المنع.
المسألة الثانية: يجوز حذف الخبر في هذا الباب إذا علم، ومنه: ((فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ)) [ص:33] أي: يمسح مسحاً، لدلالة المصدر عليه.
ثالثاً: يتعين في هذا الباب أن يعود منه ضمير إلى الاسم، يعني شرط الفعل الذي يكون مضارعاً وهو خبر، شرطه: أن يكون رافعاً لضمير الاسم، يعني: الضمير عائد على الاسم.
عسى زيد أن يقوم، يقوم هذا هو الفعل المضارع، رفع ماذا؟ لا بد من فاعل، ما فاعله؟ ضمير مستتر. أين مرجعه؟ الاسم؛ لأنه هو المحل الذي اتصف بالخيار. إذاً: يتعين في هذا الباب أن يعود منه ضمير إلى الاسم، فلا يجوز رفعه الظاهر لا أجنبياً ولا سببياً. يعني لو رفع اسماً ظاهراً أجنبياً أو سببياً بمعنى أنه أضيف إلى ضمير يعود إلى الاسم، قالوا: هذا لا يجوز، ممنوع. فلا يقال: طفق زيد يتحدث أخوه، طفق زيد يتحدث، يتحدث هو يعني زيد، لو رفع اسماً ظاهراً مضاف إلى ضمير يعود إلى زيد: يتحدث أخوه، قالوا: لا يجوز هذا.
ولا أنشأ عمرو ينشد ابنه، يعني: يبحث عن ابنه. لأنه إنما جاءت لتدل على أن فاعلها تلبس بهذا الفعل وشرع فيه لا غيره، يعني: إنما جيء بالفعل هنا ليدل على أن فاعل -في المعنى- فاعل هذه الأفعال قد تلبس بالفعل، فإذا أسندته لغيره ما الفائدة منه؟ عندما نقول: كاد تدل على قرب الخبر إلى الاسم، إذا جعلت الفعل الذي الأصل فيه أن يكون للاسم جعلته لغيره، ما الفائدة من المجيء بالأفعال؟ لا فائدة منها، حينئذٍ يجب أن نقول: بأنه لا يصح إعمالها هذا الإعمال إلا بشرط أن يكون الفعل المضارع رافعاً لضمير مستتر يعود على الاسم، فإن رفع ظاهراً حينئذٍ انفك، طفق زيد يتحدث أخوه، الأصل أن التحدث يكون لزيد، هذا أصل الجملة، وما جيء بالفعل إلا من أجل هذا، وأنت الآن فصلته ورفعت به ظاهراً فجعلته وصفاً له، إذاً حصل انفكاك في الجملة وهذا باطل.