قال ابن قاسم: ولكن ابن مالك ثقة. يعني كأن مراده أن ابن مالك زاد هذه من عنده من كيسه، لكن قال ابن القاسم: ابن مالك ثقة، وابن مالك معروف في تتبع الغريب، إذا قال: هذا غريب أو شيء في لسان العرب فهو هو.
وَكَعَسَى حَرَى: إذاً حرى كعسى، حَرَى هذه مبتدأ مؤخر قصد لفظه، وَكَعَسَى: هذا خبر مقدم، أي: في العمل والدلالة على الرجعة.
إذاً في أمرين، ولَكِنْ جُعِلاَ ... خَبَرُهَا حَتماً بِأَنْ مُتَّصِلاً، يعني: يجب اقتران خبر حرى بـ (أن)، ولا يجوز انفصالها إلا في شذوذ بخلاف عسى، عسى يجوز الانفصال وعدم الاتصال، وأما حرى لا.
ولَكِنْ جُعِلاَ يعني: اختصت حرى بحكم وهو أنه جُعل خَبَرُهَا حَتماً وجوباً -هذا حاله من الضمير المستتر- في مُتَّصِلاً، خَبَرُهَا مُتَّصِلاً حَتماً بِأَنْ: بِأَنْ هذا جار ومجرور متعلق بقوله: مُتَّصِلاً.
وجُعِلاَ: هذه الألف للإطلاق، وخَبَرُهَا: نائب فاعل وهو مفعول أول، ومُتَّصِلاً: هذا مفعول ثاني.
وحَتماً: هذا حال من الضمير المستتر في متصلاً، وهذا أولى من جعله مفعولاً مطلقاً-.
إذاً: ولَكِنْ جُعِلاَ: الألف للإطلاق خَبَرُهَا حَتماً بِأَنْ مُتَّصِلاً: فلم يجرد عنها لا في شعر ولا في غيره، وإنما وجب اتصالها به، فيقال: حرى زيد أن يقوم، ولا يجوز: حرى زيد يقوم بدون (أن) هذا نقول: شاذ، إن ورد يحفظ ولا يقاس عليه.
إذاً: مراده بهذا البيت أن حرى وإن كانت بمعنى عسى في المعنى والعمل فهي مخالفة لها في الاستعمال بلزوم خبرها (أن).
وَأَلْزَمُوا اخْلَوْلَقَ أَنْ مِثْلَ حَرَى
وهنا لم يقل: اخلولق كعسى، مع أنها مثلها في المعنى.
أفعال الرجاء هنا ثلاثة: عسى وحرى واخلولق، كلها تستعمل بمعنى رجوت.
وَأَلْزَمُوا: يعني العرب خبر اخْلَوْلَقَ، هذا مفعول أول.
أَنْ: هذا مفعول ثاني، لكونها مثل حرى في الترجي، فحينئذٍ لا يجوز خلو خبر حرى من (أن)، وكذلك لا يجوز خلو خبر اخلولق من (أن)، فلا بد من الاتصال، ولذلك قالوا: اخلولقت السماء أن تمطر، لا يجوز: اخلولقت السماء تمطر بدون (أن)، هذا لا يجوز عندهم، والحجة السماع، لم يسمع خلوها من (أن) حينئذٍ نقول: السماع هو الحجة.
يعني: أن اخلولق لا يستعمل خبرها إلا مقروناً بـ (أن) فهي إذاً مثل حرى، إلا أنه لم ينبه على أنها شبيهة في المعنى بعسى كما نبه على حرى.
وَأَلْزَمُوا: هذا فعل ماضي، والواو فاعل، ألزم: فعل ماضي، والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
وَأَلْزَمُوا: يعني: العرب.
اخْلَوْلَقَ: أيضاً على تقدير مضاف، خبر اخْلَوْلَقَ، لا بد من التقدير، ليس اخْلَوْلَقَ نفسه، وإنما خبر اخْلَوْلَقَ.
أَنْ: هذا مفعول ثاني.
لكونها مِثْلَ: هذا حال من المفعول الأول اخْلَوْلَقَ، حال كونه مثل حرى في الترجي.
وَبَعْدَ أَوْشَكَ انْتِفَا أَنْ نَزُرَا
أَوْشَكَ: هذه من أفعال المقاربة، مثل: كاد.
وَبَعْدَ أَوْشَكَ انْتِفَا أَنْ نَزُرَا
انْتِفَاءُ: قصره هو للضرورة، هذا مبتدأ، ونَزُرَا هذا خبره.
انْتِفَا أَنْ: مضاف ومضاف إليه، وهو مبتدأ.**.