انْتِفَا أَنْ نَزُرَا: أي: قل بَعْدَ أَوْشَكَ: انتفاء (أن) نزرا بعد أوشك، يعني: بعد أوشك يأتي خبرها، انتفاء (أن) وعدم (أن) دخولها قليل، فالكثير حينئذٍ يكون اتصالها بـ (أن).

وَبَعْدَ أَوْشَكَ انْتِفَا: انْتِفَا هذا نقول: مبتدأ.

أَنْ: مضاف إليه.

نَزُرَا: يعني من خبرها. يعني: أن خلو خبر أوشك من (أن) قليل، فهي في ذلك حسب الاستعمال لا في المعنى، فإن عسى للرجاء وأوشك للمقاربة. إذاً الأعرف هنا الإثبات، الأعرف المشهور في لسان العرب هو إثبات أن مع خبر أوشك، لأنها موضوعة للإسراع المفضي إلى القرب بخلاف كاد وقرب، -بالقرب-، فلهذا اختصت عنها بغلبة الاقتران بها.

وندر دخول الباء في خبر أوشك، قال:

أَعَاذِلَ تُوشِكِينَ بِأَن تَرَينِي

بِأَن تَرَينِي هذا قليل، لكنه يحفظ ولا يقاس عليه.

إذاً: حرى مثل عسى في الدلالة على الرجاء، لكن يجب اقتران خبرها بـ (أن) نحو: حرى زيد أن يقوم ولم يجرد خبرها من (أن) لا في الشعر ولا في غيره، وكذلك اخلولق تلزم (أن) خبرها نحو: اخلولقت السماء أن تمطر، وهو من أمثلة سيبيويه.

وأما أوشك فالكثير اقتران خبرها بـ (أن) ويقل حذفها منه، ومن اقترانه بها قوله:

وَلَوْ سُئِلَ النَّاسُ التُّرابَ لأَوْشَكُوا ... إِذا قِيلَ هَاتُوا أَنْ يَمَلُّوا وَيَمْنَعُوا

إذاً: أنْ يَمَلُّوا وهذا كثير.

لأَوْشَكُوا: انظر، استعمله ماضياً، وسيأتي خلاف فيه.

إذاً: صرح به كونه ماضي، وبعضهم أنكره، قال: بل المسموع فيه يوشك بصيغة المضارع، والصواب أنه سمع فيه ذاك وذاك.

ومن تجرده منها:

يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِهِ ... فِي بَعْضِ غِرَّاتِهِ يُوَافِقُهَا

مَنْ هذا اسم يوشك، يُوَافِقُهَا بدون (أن) هذا الخبر، نقول: هذا قليل.

وَمِثْلُ كَادَ فِي الأصَحِّ كَرَبَا

وَمِثْلُ كَادَ: كرب مثل كاد، كَرَبَا الألف للإطلاق.

كَرَبَا: بفتح الراء، ونقل كسرها والفتح أفصح: كَرَبَا كرِبا أما كرُبا لا، كَرَبَا هذا الأفصح، ويجوز فيه لغة كسر الراء والألف هذه للإطلاق.

كَرَبَا مثل كادا: هذا خبر مقدم، يعني: أنها للمقاربة من جهة المعنى، وفي أنَّ الكثير تجردها من (أن)، يعني: أن إثبات (أن) بعدها قليل، والكثير التجرد، ولم يذكر سيبويه غيره، ولكن خالفه الناظم قال: فِي الأصَحِّ. سيبويه لم يذكر إلا التجرد، لم يذكر اتصال (أن) بالفعل المضارع، وإذا لم يثبته سيبويه حينئذٍ لا نثبته، لكن خالفه الناظم قال: فِي الأصَحِّ، على طريقة ابن عقيل: إذَا قَالَتْ حَذَامِ .. لا نثبته، وأما على جهة البحث والنظر حينئذٍ قال المصنف: في الأصح -خلافاً لسيبويه-.

إذاً: يجوز اتصال (أن) بخبر كرب، وإن كان الكثير الغالب هو التجرد، ولذلك قد يقال: بأن

سيبويه لم يطلع عليه، والكثير التجرد لا، الذي لم يطلع عليه الاتصال.

في الأصح يعني: في القول الأصح مقابله شيئان: مقتضى كلام سيبويه، حيث لم يذكر فيها إلا التجرد، لم يسمع اتصال (أن) بخبر كربا، ومذهب ابن الحاجب حيث جعلها من أفعال الشروع، وهي من أفعال المقاربة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015