وَكَادَ الأَمْرُ فِيهِ عُكِسَا: وَكَادَ الأَمْرُ يعني: وخبر كاد، ليس كاد نفسها، وخبر كاد على حذف المضاف، وَكَادَ الأَمْرُ: وخبر كاد الأَمْرُ فِيهِ: على هذا المحذوف عُكِسَا: عكس فيه، للدلالة على قرب الخبر فكأنه في لحال.
الأعرف في خبر كاد وكرب الحذف، ومنه: ((وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)) [البقرة:71] جرد في القرآن عن (أن).
((يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ)) [النور:35] يُضِيءُ جرد عن (أن).
قال: ومن وروده بدون أن -يعني: بَعْدَ عَسَى - قول القائل:
عَسَى الْكَرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتَ فِيهِ، أمسيتُ وأمسيتَ.
عَسَى الْكَرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتَ فِيهِ ... يَكُونُ وَرَاءَهُ فَرَجٌ قَرِيبُ
يَكُونُ جاء بدون (أن)، هل نقول هذا شاذ أم أنه لغة؟ لغة، نحن نقول: اتصال (أن) بخبر عسى وهو فعل مضارع الأصل الجواز، ثم أيهما الأكثر: التجرد أم الاتصال؟
الاتصال أكثر، حينئذٍ خلوها عن (أن) في بعض الأحوال لا نقول: إنه شاذ، بل نقول: إنه لغة، ليس الأمر في غير المضارع كما هو الشأن في الاسم المفرد والجملة الاسمية ونحوها لا، بل هو لغة، ولذلك قال: نَزْرٌ، يعني: قليل. ولم أقف على أحد أنه صرح بأنه شاذ، وإنما يعبرون بالقلة ويوردون الكثير من الأمثلة.
قال: عَسَى الْكَرْبُ يَكُونُ، الْكَرْبُ هذا اسم عسى، ويَكُونُ: هذا خبر عسى بدون (أن).
وقوله: عَسَى فَرَجٌ يَأْتِي بِهِ اللهُ إِنهُ
جاء خبر عسى هنا بدون (أن).
وأما كاد فذكر المصنف أنها عكس عسى، فيكون الكثير في خبرها أن يتجرد من (أن)، ويقل اقترانه بها، وهذا بخلاف ما نص عليه الأندلسيون من أن اقتران خبرها بـ (أن) مخصوص بالشعر، فمن تجريده من (أن) قوله تعالى: ((فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)) [البقرة:71]، وهذا كثير، بل هو الأصل.
((مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ)) [التوبة:117] تَزِيغُ: بالتاء عند ابن عقيل.
ومن اقترانه بـ (أن) قوله صلى الله عليه وسلم: {ما كدتُ أن أصلّي العصر حتّى كادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبُ} إذاً اتصلت هنا.
كَادَتِ النَّفْسُ أَنْ تَفِيضَ عَلَيْهِ ... إِذْ غَدَا حَشْوَ رَيْطَةٍ وَبُرُودِ
إذاً: الأصل في خبر عسى أن تتصل به (أن)، ويقل تجردها عنهن كاد العكس، الأصل في خبرها أن يتجرد من (أن) المصدرية، وقد تتصل به.
وَكَعَسَى حَرَى ولَكِنْ جُعِلاَ ... خَبَرُهَا حَتمَاً بِأَنْ مُتَّصِلاَ
وَكَعَسَى حَرَى: حرى كعسى، في المعنى ودخول (أن) عليها أم الأول فحسب؟
في المعنى فحسب، وأما في حكم دخول (أن) عليها فهو مخالف.
إذاً قوله: وَكَعَسَى حَرَى كقوله: كَكَانَ كَادَ، ليس على إطلاق التشبيه مطلقاً من كل وجه، بل من بعض الوجوه، والمراد هنا التشبيه في المعنى. إذاً حرى تأتي بمعنى عسى في الرجاء، كل منهما للرجاء فهو فعل رجاء كما أن عسى فعل رجاء، وأما باعتبار (أن) ودخولها على المضارع فهذا يختلف.
وَكَعَسَى: هذا خبر مقدم.
حَرَى: بالحاء المهملة، زادها ابن مالك. كقوله: فحَرَى أَنْ يَكونَ ذَاكَ وكانا
قال أبو حيان: والمحفوظ أن حرى اسم منون لا يثنى ولا يجمع.
قال ثعلب: أنت حري من ذلك أي: خليق وحقيق.