وَمِثْلُ كَانَ دَامَ مَسْبُوقاً بِمَا كَأعْطِ يعني بـ (ما) المصدرية الظرفية، أما معانيها فمعنى (ظل) المراد به اتصاف المخبر عنه بالخبر نهاراً، ظل زيد قائماً، ما المقصود بظل زيد قائماً؟ بمعنى أنه اتصف بالقيام في النهار، اتصف المخبر عنه الذي هو اسم ظل بمضمون الخبر في وقت النهار، فظل المراد به اتصاف المخبر عنه الذي هو اسم ظل بمضمون الخبر نهاراً.
ومعنى (بات) اتصافه به ليلاً، بات زيد قائماً، بمعنى أنه اتصف بمضمون قام في وقت البيتوتة وهو في الليل.
و (أضحى) اتصافه به في وقت الضحى، و (أصبح) اتصافه به في الصباح، و (أمسى) اتصافه به في المساء .. ومعنى (صار) التحول من صفة إلى صفة أخرى، و (ليس) المراد بها النفي، وهي عند الإطلاق لنفي الحال ليس زيد قائماً يعني الآن، إذا أطلق عن القيد حينئذٍ نحملها على نفي الحال، الآن يعني ليس زيد قائماً الآن، وبعده الله أعلم لا نحكم عليه، وإنما نقول: ليس زيد قائماً الآن، في هذا الوقت الذي نتحدث فيه ليس زيد قائماً، وما بعده نقول: هذا ليس داخلاً في الحكم.
ليس زيد قائماً أي الآن، وعند التقييد بزمن على حسبه، ليس زيد مسافراً غداً، إذاً ليست لنفي الحال، وإنما تحمل على ما قيدت به، ليس زيد مسافراً غداً، إذاً قد يكون بعده.
ومعنى زال وأخواتها تدل على ملازمة الصفة للموصوف مذ كان قابلاً لها، اتفق النحاة على أن هذه الأربع كلها بمعنى واحد (زال، وبرح، وفتئ، وانفك) بمعنى واحد، باتفاق النحاة إجماع أنها بمعنى واحد، وأن هذا المعنى يدل على ملازمة الصفة للموصوف، الصفة الذي هو خبرها، للموصوف الذي هو اسمها، لكن كل ملازمة بحسب الجملة، لا زال زيد عالماً، الأصل في الاتصاف بالعلم أنه مدة بقائه منذ أن شم رائحة العلم إلى أن يموت هذا الأصل فيه.
لا زال زيد قائماً، هذا ينفك عنه في وقت دون وقت، وحينئذٍ نقول: الملازمة هنا بحسب ما قبله، يعني بحسب الوصف الذي يكون للموصوف، قد يكون لا يوجد في وقت دون وقت، بل هو ملازم له مدة حياته كالوصف بالعلم والحياة ونحو ذلك، وقد يكون يوجد في وقت دون وقت، وحينئذٍ نفسره بالملازمة ليست كالملازمة السابقة، وإنما هي ملازمة في وقت دون وقت.
لا زال زيد صائماً، شهر كامل وشهرين ثلاثة وهو صائم! لا، لا زال زيد صائماً في وقت الصيام، وأما إذا جاء المغرب انتهى الوقت.
إذاً تدل على ملازمة الصفة للموصوف منذ كان قابلاً لها، على حسب ما قبلها، فإن كان ما قبلها متصلة الزمان دامت له كذلك نحو ما زال زيد عالماً، وإن كان قبلها في أوقات دامت له كذلك، ما زال يعطي الدراهم، نقول: هذا يعطي في وقت دون وقت، ما زال يعطي الدراهم.