وَمِثْلُ كَانَ دَامَ، هذا الثالث عشر وَمِثْلُ كَانَ، يمثل بـ: كان -ككان ظل- وَمِثْلُ كَانَ؛ لأنها أم الباب هي الأصل.

وَمِثْلُ كَانَ دَامَ يعني: في العمل المذكور بشرط حال كونه (مَسْبُوقاً بِمَا) أي ما؟ المصدرية الزمانية أو الظرفية، ومن أين أخذنا هذا التقييد؟

كَأعْطِ مَادُمْتَ مُصِيباً دِرْهَما إذاً: من المثال نقيد (ما) هنا ليست موصولة، وليست مصدرية فحسب، وإنما هي مصدرية ظرفية يعني زمانية.

كَأعْطِ مَادُمْتَ مُصِيباً دِرْهَما: ما دمت (ما) هذه مصدرية ظرفية، لماذا مصدرية؟ لأنها تسبك مع ما بعدها بمصدر، وظرفية لأنها تفسر أو تضاف إلى المدة أو إلى الظرف

كَأعْطِ مَادُمْتَ: دام فعل ماضي، والتاء هنا اسمها، ومصيباً درهماً هنا فيه حذف وفيه تقديم وتأخير كأعط المحتاج درهماً ما دمت مصيباً له؛ لأن أعط هذا يتعدى إلى مفعولين، أعط المحتاج درهماً، يأتينا هذا باب أعطى وكسى يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، أعط هذا يتعدى إلى مفعولين، أين مفعوله؟ (أعط المحتاج) هذا حذف، (درهماً) هذا المفعول الثاني (ما دمت مصيباً) يعني مدة دوام مصيباً، فمصيباً هذا خبر دام، والتاء هذا اسمها.

إذاً كأعط المحتاج درهماً ما دمت مصيباً له، ففي المثال تقديم وتأخير وحذف

وَمِثْلُ كَانَ دَامَ مَسْبُوقاً بِمَا ... كَأعْطِ مَادُمْتَ مُصِيباً دِرْهَمَا

إذاً هذا يشترط في عمله وهو لفظ دام أن يسبقه (ما) المصدرية الظرفية، لا بد من القيدين؛ لأنها قد تكون مصدرية لا ظرفية فلا تعمل هذا العمل، لو كانت مصدرية فقط ولا تعمل عمل المذكور يعجبني ما دمت صحيحاً، يعني مدة دوامك صحيحاً؟ لا، ليس كذلك لا يقدر بظرف، يعجبني ما دمت صحيحاً أي: دوامك صحيحاً، فدام تامة بمعنى بقي، وصحيحاً حال ولا توجد الظرفية بدون المصدرية.

كَأعْطِ مَادُمْتَ مُصِيباً دِرْهَما أي: أعط مدة دوامك مصيباً درهماً، ومنه قوله تعالى: ((وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)) [مريم:31] أي مدة دوامي حياً، وهذا يستدل به على أن دام لها مصدر؛ فإن التقدير هنا يكاد أن يكون إجماعاً مدة دوامي حياً، فإذا كان كذلك كوننا نحكم على أن ما المصدرية هنا في هذا التركيب مصدرية لا يفهم منها إلا أنها تسبك مع ما بعدها بمصدر، ولا يفهم غير هذا، إذا لم تسبك مع ما بعدها بمصدر وتؤل بمصدر لم تكن مصدرية، فإذا حكمنا عليها بأنها مصدرية معناه هو أن ما بعد له مصدر، فدام له مصدر، وأما القول بأن مدة دوامي، دوامي هذا مصدر لدام التامة أستعير هنا هذا مغالطة، بل الصحيح أنه لدام الناقصة؛ لأن دام التامة لا تطلب خبراً وإنما تكتفي بمرفوعها كما ستأتي، وحينئذٍ نقول: هذه دام الناقصة على الأصل.

قال رحمه الله تعالى

تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا اسْمًا والْخَبَرْ ... تَنْصِبُهُ كَكَانَ سَيِّدًا عُمَرْ

كَكَانَ ظَلَّ .. وما عطف عليه.

ثم قال: وَهذِى الأرْبَعَهْ الأخيرة يشترط فيها ما لا يشترط في الثمانية الأولى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015