تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا: كيف ترفع كان المبتدأ إذا دخلت عليه؟ هو الآن لم يكن مبتدأ، وإنما تسميته باعتباره قبل دخول كان، وهنا سماه مبتدأً من باب الإيضاح للمبتدئ أو القارئ أو المستمع؛ ليبين لك أن (كان) هذه دخلت على ما أصله مبتدأ الذي سبق تقريره في الباب السابق، وإلا تسميته مبتدأ في مثل هذا التركيب مجاز، يعني لم يقصد به المبتدأ الحقيقي، وإنما أطلق المبتدأ باعتبار ما كان.
إذاً تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا تسميته مبتدأً باعتبار حاله قبل دخول الناسخ، و (أل) هنا في المبتدئ للجنس، لماذا؟ لأننا لو أطلقنا أن كان تدخل على المبتدئ، إذاً يفهم من هذا أن كل مبتدئ يصح دخول كان عليه وليس بصحيح، بل من المبتدئ ما هو لازم الصدر، فلا يصح دخول كان عليه، من المبتدأ ما هو واجب الحذف كالنعت المقطوع، هو الكريم: (هو) كيف يدخل عليه كان؟ ما تدخل عليه؛ لأنه محذوف، من المبتدئ ما هو لازم الابتداء لا يتصرف (طوبى للمؤمن) نقول: طوبى هذا ملازم الابتداء، لا يعرب إلا مبتدأ فأين التركيب؟ حينئذٍ لا تدخل عليه كان.
فمثل هذه المبتدءات يمتنع دخول كان عليها، فقصد المصنف بالمبتدئ هنا: ما يصح دخول كان عليه، وليس كل مبتدئ يصح دخول كان عليه، إذاً: (أل) هنا نحمله على الجنس، فليست للاستغراق لتعم كل ما هو مبتدئ لا، نقول: من المبتدئ ما يمتنع دخول كان عليه، ومن المبتدئ ما يجوز دخول كان عليه، ومراد المصنف هو الثاني وعليه نحمل (أل) للجنس لا للاستغراق.
و (أل) في المبتدئ للجنس، فإن منه ما لا تدخل عليه كلازم الصدر إلا ضمير الشأن، كما في المثال السابق: كان الناس صنفان، كان دخلت على المبتدئ والخبر وضميرها اسمها ضمير الشأن ولا بأس به.
ولازم الحذف كالمخبر عنه بنعت مقطوع وما لا يتصرف كطوبى للمؤمن، فإنه يلزم الابتداء.
هذه الأنواع الثلاثة وما شاكلها حينئذٍ نقول: هذه لا يمكن أن تخرج عن كونها مبتدأً، من يقم أقم معه، نقول: (من) هذا لازم الصدر، لا يمكن أن تدخل عليه بكان ممتنع، طوبى للمؤمن لا يمكن أن تدخل عليه كان.
إذاً قوله: المبتدأ جنس أراد به بعض الأفراد وليس على إطلاقه.
تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا: إذا دخلت عليه ويسمى اسماً لها حقيقة، أو فاعلاً مجازاً.
والْخَبَرْ تَنْصِبُهُ: والْخَبَرْ هذا مفعول به أو مبتدأ تَنْصِبُهُ الجملة هذه إما مفسرة وإما أنها خبر المبتدأ، يحتمل هذا وذاك.
والْخَبَرْ إذاً: القول فيه كالقول في سابقه، استثنى النحاة من الخبر هنا الجملة الطلبية، فلا يكون خبراً لكان، وجمهور النحاة الذين أجازوا أن يقع الخبر هنا -خبر المبتدئ- جملة طلبية منعوه هنا.
فحينئذٍ زيد اضربه، نقول: زيد هذا يصح دخول (كان) عليه، لكن يمتنع هنا لا لذات زيد وإنما لكون خبر زيد جملة طلبية، ولذلك يستثنى من الخبر الجملة الطلبية.
يشترط في خبر كان ألا يكون جملة طلبية حتى عند الجمهور الذين يجوزون وقوع الطلبية خبراً عن المبتئدئ.