وَمَا كُلُّ مَنْ يُبدي البَشَاشَةَ كائناً أَخَاكَ .. (كائن) هذا اسم فاعل، وهذا لا يأتي من فعُل، وإنما يأتي منه فعيل، ولا من فعِل، لماذا؟ لأن المضارع كان يكْوُنُ يفعُل، ويفعُل لا يأتي من فعِل، وإنما يأتي من فعَل وفعُل، ظرُف يظرُف.
إذاً: ليست من باب فعِل ولا من باب فعُل، ما الدليل؟ نقول: ليست من باب فعُل لأنه سمع اسم الفاعل على فاعل، حينئذٍ لو كانت من باب فعُل فاسم الفاعل من فعُل يأتي على فعيل، ظرف فهو ظريف، كرم فهو كريم، حينئذٍ لما جاء كائن علمنا أنه ليس من باب فعُل.
ليس من باب فعِل؛ لأن المضارع يأتي على وزن يكون، يفعُل .. ويفعُل هذا إما أن يكون ماضيه فعُل أو فعَل، وليس من باب فعِل، وأسقطنا فعُل باسم الفاعل، فتعين أن يكون من باب فعَل.
إذاً كان أصله (كَوَنَ) على وزن فعَل، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً.
تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا اسْمًا والْخَبَرْ ... تَنْصِبُهُ كَكَانَ سَيِّدًا عُمَرْ
كَكَانَ ظَلَّ بَاتَ أَضْحَى أَصْبَحَا ... أَمْسَى وَصَارَ لَيْسَ زَالَ بَرِحَا
فَتِيءَ وَانْفَكَّ وَهذِى الأَرْبَعَهْ ... لِشِبْهِ نَفْيٍ أَوْ لِنَفْيٍ مُتْبَعَهْ
وَمِثْلُ كَانَ دَامَ مَسْبُوقاً بِمَا ... كَأَعْطِ مَادُمْتَ مُصِيبَاً دِرْهَمَا
تَرْفَعُ كَانَ: (تَرْفَعُ) هذا فعل مضارع مرفوع وكَانَ فاعل، قصد لفظه.
تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا: المُبْتَدَا هنا مفعول به.
والْخَبَرْ تَنْصِبُهُ: والْخَبَرَ سكنه من أجل الروي، (والْخَبَرْ تَنْصِبُهُ) يعني وتنصب الخبر من باب الاشتغال، ويجوز رفعه: والْخَبَرُ تَنْصِبُهُ كما سيأتي.
تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا: تَرْفَعُ عرفنا أن مذهب البصريين أن هذا الرفع بعد دخول كان رفع مجدد حاصل، وليس هو الرفع الذي كان قبل دخول كان؛ لأن كان عامل اللفظ، فلما دخل على الجملة الاسمية المكونة من مبتدئ وخبر نسخ العامل الذي دخل على المبتدأ فرفع المبتدأ؛ لأن كان عامل لفظي، والابتداء عامل معنوي، والعامل اللفظي أقوى من العامل المعنوي، بل هو الأصل، والمعنوي إنما جُوِّز للضرورة، الأصل أن يكون العامل لفظياً وهو ما للسان فيه حظ، ولذلك اقتصر في العامل المعنوي على بابين فحسب، باب المبتدأ أنه مرفوع بالابتداء وهو عامل معنوي، وباب الفعل المضارع المجرد عن ناصب وجازم، فرفعه يكون بالتجرد والتعري عن العوامل النصب والجزم، حينئذٍ نقول: هذا باب العامل المعنوي فحسب ولا يقاس عليه غيره.
وكل ما أمكن تعليق العامل بكونه لفظياً فهو مقدم، لكن بشرط أن يصح تعليق .. إن صح تعليق العمل هنا بعامل لفظي حينئذٍ صار هو المقدم، لماذا؟ لأن الأصل في العمل أن يكون لشيء ملفوظ به؛ لأنه هو الكلام في الأصل، فالفعل هو الأصل في العمل، حينئذٍ الأصل في الفعل أن يكون ملفوظاً به، وإذا قدر حينئذٍ المقدر أو المحذوف لعلة كالثابت كما هو القاعدة عند الصرفية.
إذاً: تَرْفَعُ المراد به تجدد له رفعاً غير الأول الذي عامله معنوي وهو الابتداء.
تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا، إذا دخلت عليه ويسمى اسماً لها.