مالك: هذا مبتدأ مؤخر.
وصاحب كم غلام أنت؟ أنت: هذا مبتدأ مؤخر، وصاحب نقول: هذا واجب التقديم، لماذا؟ لأنه إذا أضيف إلى كم، مثل: غلام من يقم أقم معه.
سابعاً: أن يكون الخبر اسم إشارة ظرفاً، نحو: ثَمَّ زيد، بفتح الثاء، وهنا عمرو، عمرو هذا مبتدأ مؤخر، وهنا: هذا خبر مقدم واجب التقديم، ووجه تقديمه القياس على سائر الإشارات، فإنك تقول: هذا زيد ولا تقل: زيد هذا.
ثامناً: أن يكون مسنداً إلى مقرون بفاء، أما في الدار فزيد، هنا لا يجوز تقديم زيد على في الدار؛ لأن أما لا يليها فاء، لا يليها الفاء، ممتنع، وأما في المسجد فخالد، لا يصح أن يقال: أما فخالد في المسجد.
تاسعاً: أن تقترن بالخبر لام الابتداء، وإن كان على خلاف الأصل، إذا اقترنت لام الابتداء بالخبر حينئذ وجب تقديمه. زيد لقائم، لقائم زيد، وجب التقديم لأن لام الابتداء لها حق الصدارة. لقائم زيد، فلا يجوز: زيد لقائم.
وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا ... تَقُولُ زَيْدٌ بَعْدَ مَنْ عِنْدَكُمَا
لما انتهى من المسائل الثلاث والأنواع التي تتعلق بالخبر من حيث جواز التقديم ووجوب التأخير ووجوب التقديم، وهذا التفسير الثاني الذي هو ذكر الحالتين مبين لقوله: إِذْ لاَ ضَرَرَا. إذا لم يكن من الموجبات لتقديم الخبر على المبتدئ أو الموجبات لتأخيره حينئذ يجوز فيه الوجهان، وهذا ضبطه سهل، مثلما يقال في الحرف: ما لا يقبل علامة الاسم ولا علامة الفعل.
ثم انتقل إلى مسألة حذف المبتدأ والخبر، كل منهما مسند، يعني: هما ركنا الإسناد، ليس مسند بمعنى أنه لا يقال بأنه مسند إليه المقصود أن كلاً منهما جزء وركن في الإسناد، وحينئذ المجيء به لحصول الفائدة، ولا يتركب الكلام إلا لمسند ومسند إليه، وإذا كان كذلك فالأصل ذكرهما ولا يجوز الحذف، هذا هو الأصل؛ لكن إذا دلت قرينة على المحذوف فالقاعدة العامة أنه يجوز حذفه، إلا ما استثني ويأتي في محله.
وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا ... تَقُولُ زَيْدٌ بَعْدَ مَنْ عِنْدَكُمَا
وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ: يعني من مبتدأ أو خبر أو هما معاً، الأحوال ثلاثة: إما أن يحذف المبتدأ فقط ويذكر الخبر، وإما أن يحذف الخبر ويذكر المبتدأ، أو يحذفا معاً، ولكن لا بد من قرينة، إذا حذفا أو حذف أحدهما أو هما معاً لا بد من قرينة، يعني شيء يفهم منه المحذوف يدل على المحذوف، ولا يشترط في هذه القرينة أن تكون لفظية، بل قد تكون معنوية، يعني تفهم بالمعنى بشيء خارج عن اللفظ.
وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ: من مبتدأ أو خبر أو هما معاً بالقرينة.
كَمَا تَقُولُ زَيْدٌ بَعْدَ مَنْ عِنْدَكُما
إذاً: يجوز حذف ما علم من المبتدأ والخبر. قيل: الجواز قوله: جائز هنا المراد به غير ممتنع، يعني نفي المنع فحسب، ليس المراد به المنع.
جَائِزٌ: بمعنى أنه غير ممتنع، وإذا فسر الجواز بكونه غير ممتنع دخل فيه الوجوب، لأنه قد يجب حذف الخبر وقد يجب حذف المبتدأ، وقد يجوز كل منهما.
هل المراد هنا أن الجواز الذي يصدق على الوجوب أو الجواز المقابل للوجوب؟ فسر بهذا وذاك، وحينئذ لا بأس أن يقال: بأن المراد بالجواز هنا ما يدخل تحته الوجوب، فيقال: جائز أي: غير ممتنع فيصدق بالوجوب.