هذا الموضع الرابع، وهو أن يكون خبر المبتدأ المحصور قَدِّمْ، خبر المبتدأ المحصور قَدِّمْ أبَدَا، يعني: قدمه على المبتدأ، يجب تقديم الخبر إذا كان المبتدأ محصوراً.

أن يكون مسنداً إلى مقرون بأداة حصر لئلا يلتبس، نحو: ما في الدار إلا زيد، زيد هذا مقرون بعلة، ابن هشام رحمه الله ما يعبر بالحصر في مثل هذا، ولعل له نكتة، يقول: إذا اقترن الخبر بـ (إلا) لفظاً أو (إنما) معنى، فإذا اقترن الخبر بـ (إلا) حينئذ وجب تأخير الخبر، وإذا اقترن المبتدأ بـ (إلا) وجب تقديم الخبر وتأخير المبتدأ، ما في الدار إلا زيد، أين المقدم وأين المؤخر؟ المقدم هنا في الدار وهو الخبر، وزيد: مبتدأ مؤخر، أيهما المحصور فيه؟

المبتدأ، قلنا: الذي يلي (إلا) هو المحصور فيه، سواء كان مبتدأ أو خبراً، أليس كذلك؟ ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)) [آل عمران:144] قلنا: منحصرة، يعني منحصراً فيه، وحينئذ رسول هذا منحصر فيه وهو بعد (إلا).

هنا: ما في الدار إلا زيد، زيد هذا محصور فيه، فالذي يلي (إلا) من مبتدأ أو خبر هو المحصور، المحصور فيه وجب تأخيره من مبتدأ وخبر، والمحصور وجب تقديمه من مبتدأ وخبر. القاعدة عند النحاة والبيانيين: المحصور فيه وهو الذي يلي (إلا) أو يكون الثاني في (إنما) وجب تأخيره من مبتدأ وخبر ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)) [آل عمران:144] رَسُولٌ هذا محصور فيه، ما في الدار إلا زيد، زيد محصور فيه، والمحصور فيه وجب تأخيره من مبتدأ وخبر، والمحصور وجب تقديمه من مبتدأ وخبر.

إذاً: وَخَبَرَ الْمَحْصُورِ: أي: خبر المبتدأ المحصور فيه بـ (إلا) أو بـ (إنما).

قَدِّمْ أبَدَا: على المبتدأ.

كَمَالَنَا: مَا حرف نفي. لنا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم واجب التقديم، وهو محصور.

إلاَّ اتِّبَاعُ أحْمَدَا: اتِّبَاعُ هذا مبتدأ مؤخر، ليس لنا طريق إلا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

أحْمَدَا: الألف هذه للإطلاق.

إذاً هنا المحصور فيه هو المبتدأ، وهو الذي يجب تأخيره، وحينئذ يتعين تقديم الخبر.

وَخَبَرَ الْمَحْصُورِ قَدِّمْ أبَدَا كَمَالَنَا

هذا محصور.

إلاَّ اتِّبَاعُ أحْمَدَا

وإنما عندك زيد، أين المحصور فيه؟ زيد، لأنه هو الذي يكون متأخر في باب (إنما)، في باب (إنما) الذي يكون متأخر الثاني هو الذي يكون محصوراً فيه، وعند هو المحصور.

إذاً: المحصور يجب تقديمه سواء كان مبتدأً أو خبراً.

إنما في الدار زيد وما في الدار إلا زيد، ومثل: مَالَنَا إلاَّ اتِّبَاعُ أحْمَدَا.

نزيد على هذه المواضع الأربعة: أن يستعمل كذلك في مَثَلٍ، أن يستعمل الخبر كذلك متقدماً في مَثَلٍ والأمثال لا تغير ولا تبدل، القاعدة: لأن الأمثال لا تغير. في كل واد بنو سعد، بنو سعد: هذا مبتدأ مؤخر، في كل واد: هذا خبر مقدم. هل نقول: بنو سعد في كل واد؟ لا يصح، لماذا؟ لغة من حيث هو جائز، يجوز الوجهان، لكن لما كان مثلاً والأمثال لا تبدل ولا تغير التزمناه، إذاً: يجب تقديم الخبر لكونه مثلاً.

السادس: أن يكون الخبر هو كم الخبرية، أو مضافاً إليها، نحو: كم درهمٍ مالك؟ كم خبرية خبر مقدم، وهو مضاف، ودرهم: مضاف إليه. أو درهم مجرور بمن المقدرة، على خلاف يأتينا في محله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015