فحينئذ الأولى في مثل هذا التركيب ألا نعين بأن الثاني مطلقاً هو الخبر، وإنما نقول: ننظر إلى المخاطب، فإن كان عنده علم بأحد الذاتين وجَهْلٌ بأحد الأوصاف المتعلقة بالذاتين، حينئذ نجعل المعلوم هو المبتدأ، والمجهول أو الذي فيه نوع جهالة هو الخبر، فقد يكون هذا المتقدم هو المبتدأ وقد يكون هو الخبر.
وهذا من جهة البيان والبلاغة أبلغ مما اختاره الناظم رحمه الله تعالى، فالذي يقدم ويجعل مبتدأً هو ما يعلم المخاطب اتصاف الذات به، والذي يؤخر ويجعل خبراً هو ما يجهل المخاطب اتصاف الذات به، فإذا عرف المخاطب زيداً بعينه واسمه وجهل اتصافه بأنه أخوك، يعلم أن شخصاً اسمه زيد ويعرفه بعينه، لكن ما يدري أنه أخي، فحينئذ يعلم ماذا ويجعل ماذا؟ يعلم اسم زيد وذاته، ويجهل الحكم وهو كونه أخي، حينئذ زيد أخي أيهما الذي يقدم؟ زيد هو الذي يقدم وأخي هو الذي يؤخر، لو قلت في مثل هذا التركيب أخي زيد أخطأت، لماذا؟ لأن التركيب الثاني إنما يقال لمن علم بأن لي أخاً، وجهل اسمه وعينه، فيقال له: أخي زيد، عكس التركيب الأول، انظر المعنى هنا كيف، تحكم في كون هذا محكوماً عليه وهذا محكوم به، إذا علم اسم الشخص وعينه ي-عرف-، وهذا يقع عند الناس، ترى الشخص وتعرف اسمه إلى آخره، وتجهل أنه أخي، فأقول لك: هذا زيد أخي، حينئذ زيد صار محكوماً عليه، وأخي صار محكوماً به، في مثل هذا التركيب لا يجوز التقديم والتأخير، يجب التزام أن يكون زيد هو المبتدأ وأخي هو الخبر، لو علم بالأخوة يعلم أن له أخاً فقد يكون موجوداً هنا مثلاً، لكن نسي أو جهل اسمه وعينه فيقال: أخي زيد، فحينئذ وجب أن يكون أخي هو المبتدأ، وزيد هو الخبر، هذا أحسن ما يقال فيه.
فإذا عرف المخاطب زيداً بعينه واسمه وجهل اتصافه بأنه أخوك قلت: زيد أخي، وإذا عرف أن لك أخاً وجهل عينه واسمه قلت: أخي زيد.
فَامْنَعْهُ حِينَ يَسْتَوِي الْجُزْءانِ: يعني المبتدأ والخبر.