أن يكون ملفوظاً .. أن يكون مفيداً .. أن يكون مركباً .. أن يكون موضوعاً بالوضع العربي، والصواب: أنه لا يشترط فيه القصد ولا تجدد الفائدة، إذاً قوله: لفظ مفيد كاستقم، وهذا هو الذي جرى عليه هنا في الألفية بأنه عبر باللفظ، وفي الكافية التي هي أصل للألفية عبر بالقول، فخرج باللفظ: الخمس الدوال أو الدوال الأربع المذكورة سابقاً، وخرج بالمفيد: الكلمة وبعض المركبات وهو الذي لا يفيد، يعني: لا يفيد فائدةً تامة، وهو الذي أشار إليه ابن عقيل ببعض الكلم، والمراد بالمفيد: ما يفهم معنىً يحسن السكوت عليه، والمراد بالسكوت ترك الكلام مع القدرة عليه، هذا المراد بالسكوت .. ترك الكلام مع القدرة عليه، فإن ترك الكلام لا مع القدرة فهو أخرس .. ترك الكلام مع القدرة عليه، نقول: هذا سكوت، وأما تركه لا مع القدرة عليه: هذا خرس.
وهل المراد سكوت المتكلم أو السامع أو هما؟ أقوال: أرجحها الأول، يعني: المراد سكوت المتكلم؛ لأنه خلاف التكلم، فكما أن التكلم صفة المتكلم كذلك السكوت صفته أيضاً، والمراد بحسن السكوت عليه ألا يكون محتاجاً في إفادته للسامع كاحتياج المحكوم عليه إلى المحكوم به أو عكسه، فلا يضره احتياجه إلى المتعلقات من المفاعيل ونحوهما.
وهذا ما ذكرناه من اشتراط التركيب بأن المراد به وجود المسند والمسند إليه بقطع النظر عن الظروف والمتعلقات، وهذا المراد به على جهة التخصيص إدخال الفعل المتعدي الذي لم يذكر مفعوله، ضرب زيد .. قام زيد، هذا فعل لازم، وزيد فاعله، الكلام تام انتهى، قام: هذا لا يحتاج إلى ما يتمم معناه، قام زيد .. ضرب زيد، عمرواً كالأول، ضرب زيد، أين المضروب؟ لم يذكر، هل احتاج: ضرب إلى شيء يبين معناه؟ نقول: نعم؛ لأن ضرب فعل متعدٍ، يعني: يتعدى من الفاعل إلى المفعول به، فحينئذٍ لا بد من محل يقع عليه ذلك الحدث، فقولنا: ضرب، ضرب فاعل ومفعول، لا بد من شيء يقع عليه الضرب، فلما قال: ضرب زيد احتجنا إلى إيضاح محل هذا الضرب، فهو محتاج إلى المفعول به، لكن عدم ذكره هل يخرجه عن كونه كلاماً؟ الجواب: لا، بل هو كلام لوجود المسند والمسند إليه، فالمسند: ضرب، والمسند إليه: زيد، فحينئذٍ تم الكلام.
فمتى ما وردت الجملة الاسمية بطرفيها المبتدأ والخبر، والجملة الفعلية، الفعل وفاعله أو نائبه، حينئذٍ تم الكلام ووجدت الفائدة التامة، لكن يبقى إشكال في ماذا؟ في الفضلات التي قد لا يصح أو يفسد الكلام بدونها، هل هي داخلة في مسمى الكلام أو لا؟ هذا محل بحث ونظر، لو قال .. ـ وهو عنده زوجات ـ، قال: نسائي طوالق إلا هنداً، نسائي طوالق: مبتدأ وخبر، تم الكلام أو لا؟ تم الكلام، لو قال: نسائي طوالق وسكتنا .. الكل، إلا هنداً، يغير المعنى أو لا؟ يغير المعنى من أصله، هذه الفضلات ذكر الصبان أنها داخلة في مسمى الكلام، يعني: يستثنى في الاحتياج والافتقار إلى المفعولات ونحوها إن كان يفسد الكلام بحذفها فهي داخلة في مسمى الكلام، وإن لم يفسد الكلام بحذفها فحينئذٍ ليست داخلةً في الكلام، وهي ثلاثة أقوال، هذا الثالث الذي رجحه الصبان في حاشيته.