فحينئذ نقول: إذا عاد الضمير على متأخر لفظاً لا رتبة هذا مغتفر وهو مسموح به ليس بممنوع، أبوه منطلق زيد، أبوه ضمير عاد على زيد وهو متأخر، والأصل أنه متقدم، نقول: هذا سائغ لغة، وفي الدار زيد، زيد في الدار .. في الدار جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وزيد مبتدأ مؤخر، زيد في الدار: هذا الأصل، زيد كائن في الدار، أو استقر في الدار، في الدار زيد .. زيد مبتدأ وفي الدار خبر مقدم.

هل يجوز وجه آخر؟ نعم. زيد فاعل، في الدار زيد: استقر في الدار زيد، فزيد فاعل بمتعلق الجار، فحينئذ نقول: هذا يجوز فيه وجهان، بل ذكره أظنه ابن هشام أو الكافية أن هذا هو الأفصح عند المحققين، أنه في الدار زيد أن يعرب زيد فاعل، حينئذ في مثل هذا هم يمثلون به بجواز التقديم والتأخير، مع ملاحظة هذا وملاحظة الجار والمجرور بعد المعرفة قد يوهم أنه حال فهو محل بحث.

وعندك عمرو القول فيه كالقول في سابقه، عندك عمرو، عندك هذا منصوب بمتعلق محذوف وجوباً، استقر عندك عمرو، جاء لبس عمرو هذا يحتمل أنه فاعل ويحتمل أنه مبتدأ، فحينئذ جواز التقديم نقول: القول فيه كالقول في سابقه.

وَالأَصْلُ فِي الأَخْبارِ أَنْ تُؤَخَّرَا ... وَجَوَّزُوا التَّقْدِيمَ إِذْ لاَ ضَرَرَا

مشنوء من يشنؤك، هذا مَثَلٌ، مشنوء كمبغوض وزناً ومعنىً، مشنوء من يشنؤك، تميمٌ أنا، أنا تميمي، أيضاً القول فيه كالقول في سابقه، مشنوء من يشنؤك، مبغوض من يبغضك، ما إعرابها؟

مشنوء خبر مقدم، و (مَن) مبتدأ مؤخر، ما نوع (مَن) هذه؟

اسم موصول، لا تكون شرطاً أبداً، ولا تكون استفهام أبداً، وإنما هي اسم موصول.

مشنوء من .. أي: الذي يشنؤك مشنوء، وتميمي أنا، تميمي هذا خبر مقدم، وأنا مبتدأ مؤخر.

ثم قال رحمه الله تعالى:

فَامْنَعْهُ حِينَ يَسْتَوِي الْجُزْءانِ: هذا تفسير لقوله: إِذْ لا ضَرَرَا، هذا نفي للضرر الحاصل بالتقديم والتأخير، إذ لا ضررا حينئذ فامنعه، أي تقديم الخبر.

فَامْنَعْهُ حِينَ يَسْتَوِي الْجُزْءَانِ ... عُرْفَاً وَنُكْراً عَادِمَيْ بَيَانِ

كَذَا إِذَا مَا الْفِعْلُ كَانَ الْخَبَرَا ... أَوْ قُصِدَ اسْتِعمَالُهُ مُنْحَصِرَا

أَوْ كَانَ مُسْنَداً لِذِي لاَمِ ابْتِدَا ... أَوْ لاَزِمِ الصَّدْرِ كَمَنْ لِي مُنْجِدَا

فَامْنَعْهُ: الفاء هذه للتفريع، تفريع على مفهوم إِذْ لا ضَرَرَا، وهذا شروع منه في الحالة الثانية، قلنا الحالة الأولى: جواز التقديم والتأخير، أشار إليها بشطر بيتٍ بعد أن بيَّن الأصل: والأَصْلُ فِي الأَخْبارِ أنْ تُؤَخَّرَا، ثم شرع في بيان الأحوال الثلاثة، وقدَّم الأول لأنه الأصل، وَجَوَّزُوا التَّقْدِيمَ إِذْ لا ضَرَرَا، ثم الحالة الثانية: وهي وجوب التأخير، وامتناع التقديم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015