وذهب قوم منهم المصنف إلى جواز ذلك من غير شذوذ لكن بشرط أن يفيد كقولك: نحن في يوم طيب، ولذلك قال: وَإِنْ يُفِدْ فَأخْبِرَا، وإن لم يفد لا تخبر، حينئذٍ شرط الإفادة هنا هل هي مع التأويل أو بدون تأويل؟ الظاهر والله أعلم بدون تأويل؛ لأنه إذا كان بتأويل وافق غيره، لكن أراد المصنف أنه لا نحتاج إلى تأويل؛ لأننا نفينا في الأصل أنه يخبر به عن الجثة لعدم الفائدة، لكن إذا وجد في بعض التراكيب حصلت فائدة للسامع حينئذٍ لا مانع من ذلك دون تأويل، فالليلة الهلال لا نحتاج إلى تأويل، فنقول: الليلة هذا متعلق محذوف خبر، والهلال هذا مبتدأ، أخبر عن الجثة باسم الزمان، يصح أو لا يصح؟ نقول: يصح بدون تأويل، لا نحتاج أن نقول: طلوع الهلال الليلة، لا نحتاج إلى هذا، لماذا؟ لأن الأصل هو الإخبار، ونفي هذا الأصل لعدم الفائدة في الغالب، وإذا انتفت الفائدة في الغالب لا يلزم أن تلحق كل المفردات والآحاد، فإذا وجد في بعض الأفراد والمفردات والتراكيب مما أخبر باسم الزمان عن الجثة حينئذٍ نقول: إذا وجدت الفائدة فهي المعتبرة، إذاً قول المصنف: وَإِنْ يُفِدْ فَأخْبِرَاً، فَأخْبِرَاً هذا للإباحة؛ لأنه منع أولاً ثم أمر حينئذٍ يكون شيئاً مباحاً، الأمر بعد النهي للإباحة يعتبر قرينة، وَإِنْ يُفِدْ فَأخْبِرَاً.

لكن إذا أريد على مذهب البصريين والتأويل، نقول: ضابط الإفادة أن يشابه اسم العين اسم المعنى في حدوثه وقتاً دون وقت، هذا ضبطه البصريون من أجل التأويل، الليلة الهلال، الرطب شهري ربيع، قالوا: قد يشبه اسم الجثة اسم المعنى فيخبر به باسم العين باسم زمان ضبطه بعضهم بأن يشابه اسم العين اسم المعنى في حدوثه وقتاً دون وقت نحو الليلة الهلال، والرطب شهري ربيع، أو يضاف إليه اسم معنى عاماً أكل يوم ثوب تلبسه؟ ثوب هذا مبتدأ مؤخر، كل يوم: أضيف كل إلى يوم فأفاد العموم، أو يعم والزمان خاص، نحن في شهر كذا، نحن هذا عام، في شهر كذا هذا خاص، أو مسئول به عن خاص، في أي الفصول نحن؟

إذاً أورد البصريون هذه الضوابط من أجل ماذا؟ من أجل المنع مطلقاً، فإن سمع من كلام العرب أو استعملت بعض التراكيب لابد من التأويل، والصحيح أنه لا نحتاج إلى تأويل بل متى ما أفاد حينئذٍ صار التركيب تاماً.

وَلاَ يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرَا ... عَنْ جُثَّةٍ وَإِنْ يُفِدْ فَأَخْبِرَا

ثم قال رحمه الله:

وَلاَ يَجُوزُ الاِبْتِدَا بِالنَّكِرَهْ ... مَا لَمْ تُفِدْ كَعِنْدَ زَيْدٍ نَمِرَهْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015