الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الفَائِدَهْ يعني مع المبتدأ غير الوصف المذكور، لماذا؟ بدلالة المقام، والأخذ من المثال؛ لأن الجزء المتم الفائدة مع المبتدأ، هذا يشمل الفاعل الذي تمت به الفائدة مع الوصف وهو مبتدأ، أقائم الزيدان، قلنا الزيدان هذا فاعل سد مسد الخبر، قائم حينئذ نقول: هذا مبتدأ، هنا جزء وهو الزيدان تمت به فائدة مع المبتدأ، ومع ذلك لا يصدق عليه أنه خبر، نقول: بدليل المقام أن كلام المصنف في غير الوصف المذكور، من جهة ترتيب النظم، أولاً انتهى مما يتعلق بالوصف وملحقاته، ثم بين الحكم وفصله -حكم المبتدأ والخبر- ثم شرع في بيان الخبر، كأنه عاد إلى النوع الأول وهو المبتدأ الذي له خبر؛ لأنه لما بين لنا أَسَارٍ ذَانِ، وَقِسْ وَكَاسْتِفْهَامٍ .. إلى آخره، وبيناه نحن حينئذ رجعنا إلى الأصل المبتدأ الذي له خبر وهو الغالب ما هو هذا الخبر؟ قال:
الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الفَائِدَهْ
إذاً: لا مع الوصف، فيستثنى بدليل المقام.
وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الفَائِدَهْ
الجزء الذي تتم به فائدة الجملة الاسمية، وخص الخبر وإن حصلت الفائدة بمجموع الجزأين؛ لأن الخبر هو الجزء الأخير من الجزأين، فبه تتم الفائدة؛ لأن المبتدأ كذلك جزء تمت به الفائدة، الله بر، لو قال: (بر) لوحدها ما تمت الفائدة، لو قال: (الله) لوحده لم يكن كلاماً، حينئذ كل منهما جزء متم الفائدة مع غيره، فالمبتدأ جزء تمت به الفائدة مع الخبر، والخبر جزء تمت به الفائدة مع المبتدأ.
إذاً: يصدق على الكل، لكن عبر بالجزء عن الخبر لكونه لاحقاً -هو الثاني-، ولذلك يعبر عن الخبر عند المناطقة وغيرهم بكونه محكوماً به، والمبتدأ هو محكوم عليه، وهذا جعله ابن هشام رحمه الله في المغني ضابط في معرفة المبتدأ والخبر إذا أشكل عليك، إذا أشكل عليك أي الاثنين مبتدأ أو خبر ابحث عن المحكوم عليه، الكلام فيه حكم ومحكوم عليه، إذا أخذته إجمالاً من النص حينئذ ما هو المحكوم عليه؟ تصور في النص أو الآية أو الحديث ما هو المحكوم عليه؟ وبماذا حكم عليه؟ حينئذ تصل إلى أن المحكوم عليه هو المبتدأ، والمحكوم به هو الخبر، والحكم هو ما تضمنه الخبر.
إذاً: عبر بالجزء عن الخبر مع كون المبتدأ كذلك جزء تتم به الفائدة مع الخبر، نقول: لكون الخبر يكون ثانياً فيجعل الأول محكوم عليه، ولذلك يسمى عند المناطقة: موضوعاً، وضع من أجل أن يُحمل عليه غيره، كجدران البيت، وأما المحمول فهو كالسقف، حينئذ ثم محكوم عليه ومحكوم به.
وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الفَائِدَهْ
عرفه ابن هشام بتعريف أجود من هذا، بأنه المسند الذي تتم به مع المبتدأ فائدة، فخرج بالمسند الفاعل في نحو: أقائم الزيدان، الزيدان هذا مسند أو مسند إليه؟ هو مسند إليه لا مسند، وخرج به مع المبتدأ قام من قولك: قام زيد، المسند الذي تتم به مع المبتدأ فائدة، المسند خرج به، الزيدان من قولك: أقائم الزيدان؛ لأنه مسند إليه ليس مسنداً، وخرج به الفعل؛ لأن قولك: قام زيد، (قام) هذا محكوم به، و (زيد) هذا محكوم عليه، فهو فاعل.