حينئذ (قام) مسند أو مسند إليه؟ مسند، إذاً نحتاج إلى إخراجه، بكونه قد تمت به الفائدة مع المبتدأ أو مع الفاعل؟ مع الفاعل لا مع المبتدأ.
كَاللهُ بَرٌّ: بعباده محسن بعباده.
وَالأَيَادِي: النعم، أيادي جمع الجمع، هذا مسموع، أيادي جمع أيدي وهي جمع يد، المراد بها النعم.
اللهُ بَرٌّ كقولك: اللهُ بَرٌّ، الكاف هنا تمثيلية، وليست استقصائية، ومدخولها محذوف كقولك: اللهُ بَرٌّ، لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه ضمة ظاهرة على آخره.
بَرٌّ هذا جزء تمت به الفائدة مع المبتدأ، حينئذ بر هذا خبر مرفوع، مرفوع بالمبتدأ الذي هو لفظ الجلالة، ورفعه ضمة ظاهرة على آخره.
وَالأَيَادِي على بِرِّهِ جل وعلا نعم وإحسانه بعباده شاهدة بذلك، هو مبتدأ وخبر.
يقول ابن عقيل: عرف المصنف الخبر بأنه الجزء المكمل للفائدة ويرد عليه الفاعل، والصواب لا يرد عليه الفاعل؛ لأن الفاعل لم يدخل في قوله: الابتداء، هو عنوَن للباب ثم كل المسائل تكون مقيدة بأصل الترجمة، هذا ضابط لا بد أن يتنبه له عند النحاة وغيرهم، إذا عنوان حينئذ لا يرد عليه فيما ذكره من مسائل بأنه يدخل كذا ويخرج كذا.
ويرد عليه الفاعل نحو قام زيد فإنه يصدق على زيد أنه الجزء المتم للفائدة، وقيل في تعريفه إنه الجزء المنتظم منه مع المبتدأ جملة، ولا يرد الفاعل على هذا التعريف؛ لأنه لا ينتظم منه مع المبتدأ جملة بل ينتظم منه مع الفعل جملة، وخلاصة هذا أنه عرف الخبر بما يوجد فيه وفي غيره، والصواب أنه خاص بالمبتدأ.
ثم قال رحمه الله:
وَمُفْرَداً يَأْتِي وَيَأْتِي جُمْلَهْ ... حَاوِيَةً مَعْنَى الَّذِي سِيقَتْ لَهْ
وَإِنْ تَكُنْ إِيَاهُ مَعْنًى اكْتَفَى ... بِهاَ كَنُطْقِى اللهُ حَسْبِي وَكَفَى
الخبر ثلاثة أقسام: مفرد، وجملة، وشبهها وهو الظرف والجار والمجرور.
مفرد، وجملة، وشبه جملة، باستقراء كلام النحاة: أن الخبر ثلاثة أقسام.
أشار إلى الأول بقوله: وَمُفْرَداً يَأْتِي، وأشار إلى الثاني بقوله: وَيَأْتِي جُمْلَهْ، وأشار إلى الثالث بقوله فيما سيأتي: وَأَخْبَرُوا بِظَرْفٍ أَوْ بِحَرْفِ جَرْ.
فهي أقسام ثلاثية كلها ستأتي في كلام الناظم رحمه الله تعالى.
وَمُفْرَداً يَأْتِي، يعني: ويأتي الخبر مفرداً حال كونه مفرداً، فمفرد هذا حال مقدم، لقوله: يأتي، يأتي هو أي الخبر، حال كونه مفرداً، وهذا هو الأصل، وسيبين حكمه بقوله:
وَالمُفْرَدُ الجَامِدُ فَارِغٌ وَإِنْ ... يُشْتَقَّ فَهْوَ ذُو ضَمِيرٍ مُسْتكِنْ
هذا من حيث الإبراز، وأما من حيث التعريف فالمفرد هنا في باب الخبر إذا كانت القسمة ثلاثية، حينئذ ما ليست جملة ولا شبيهاً بالجملة هو المفرد، فيشمل المفرد في باب الإعراب الذي ليس من الأسماء الستة، ولا مثنى، ولا مجموعاً .. إلى آخره، ويدخل فيه المثنى ويدخل فيه الجمع بأنواعه.
زيد قائم: (قائم) هذا مفرد؛ لأنه ليس بجملة ولا شبيه بالجملة.
الزيدان قائمان: (الزيدان) مبتدأ، و (قائمان) خبره، نقول: هذا الخبر مفرد؛ لأنه ليس بجملة ولا شبيه بالجملة.
الزيدون قائمون: (الزيدون) مبتدأ و (قائمون) خبر، وهو مفرد؛ لأنه ليس بجملة ولا شبيه بالجملة.