مذهب سيبويه وجمهور البصريين المبتدأ مرفوع بالابتداء، وأن الخبر مرفوع بالمبتدأ، والابتداء لغة: هو الافتتاح، وفي الاصطلاح: كون الاسم معرىً عن العوامل اللفظية، هذا هو الابتداء .. كون الاسم معرىً -مجرداً- عن العوامل اللفظية، وقيل: جَعْلُ الاسمِ أولاً لِيُخْبَرَ عنه ثانياً، جعل الاسم أولاً ليخبر عنه ثانياً، وقيل: بل الابتداء هو كون الكلمة أولاً، كون الكلمة ملفوظاً بها أولاً، لا جعل الاسم أولاً ليخبر عنه ثانياً؛ لأن الجعل وصف للجاعل، والابتداء وصف للكلمة، كون الكلمة مبتدأ بها هذا وصف لذات الكلمة، وأما جعل الجاعل فهذا وصف للمتكلم.

على كل المراد بالابتداء هنا: هو كون الكلمة لم يسبقها عامل لفظي، هذا المراد .. لم تسبق بعامل لفظي لا فعل ولا حرف ولا اسم، زيد قائم، زيدٌ مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه ضمة ظاهرة على آخره، هذا المراد.

فالعامل في المبتدأ معنوي وهو كون الاسم مجرداً عن العوامل اللفظية غير الزائدة وما أشبهها، وعرفنا المراد بالزائدة وما هو شبيه بالزائد.

كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالْمُبْتَدَا هنا قدم الحكم على معرفة الخبر نفسه، يعني ما بين لنا ما هو الخبر، بل سيذكره بعده وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الْفَائِدَهْ، قدم حكمه على تعريف الخبر، لماذا؟ لوجود المناسبة؛ لأنه لما ذكر أن المبتدأ رفع بالابتداء، بين أن الخبر رفع بالمبتدأ، فجرد هذا البيت لبيان حكم الجزأين، جعل الجزء الأول -المبتدأ في الشطر الأول- بيان حكمه، وجعل الجزء الثاني وهو الخبر في الشطر الثاني، فاشتمل على معرفة حكم الجزأين المسند والمسند إليه، فبين أن المبتدأ مرفوع بالابتداء وهو عامل معنوي، ثم يرد الخبر بأي شيء مرفوع؟ زيد أخوك، زيد مرفوع بالابتداء وأخوك مرفوع بالمبتدأ كما اختاره الناظم هنا.

كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالْمُبْتَدَا، كَذَاكَ أي: كرفع المبتدأ بالابتداء رفع الخبر بالمبتدأ في الانتساب إليه، كما أنهم رفعوا المبتدأ بالابتداء، كذاك رفعوا أي: العرب أو النحاة رفعوا الخبر بالمبتدأ.

حينئذ صار عامل المبتدأ معنوياً، وعامل الخبر لفظياً؛ لأنه عين المبتدأ.

زيد أخوك، زيد العامل فيه معنوي، وهو كونه مجرداً عن عامل لفظي غير زائد أو شبيه بالزائد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015