وَالثَّانِ مُبْتَداً وَذَا الْوَصْفُ -المذكور السابق المعتمد على استفهام ونحوه- خَبَرْ متى؟ إن تطابقا في غير الإفراد، فلا يكون من الباب، هذا كالاستثناء مما سبق؛ لأنه لم يعرب الوصف مبتدأ نحن نتكلم عن مبتدءٍ وصفٍ رَفَعَ فاعلاً والفاعل أغنى عن الخبر، هل إذا تطابقا تثنية وجمعاً صار من الباب نفسه؟ أقائمان الزيدان، هذا من أي نوعي المبتدأ الأول أم الثاني؟
أقائمان الزيدان، عندنا المبتدأ نوعان: مبتدأ له خبر، ومبتدأ ليس له خبر وإنما له مرفوع اكتفى به وهذا له شروطه، أقائمان الزيدان من أي نوع؟ الأول. أقائمون الزيدون من أي نوع؟ الأول. إذاً ما صار من الثاني، صار استثناءً.
وَالثَّانِ مُبْتَداً نقول: هذا البيت استثناء من قوله: وَقِسْ وَكَاسْتِفْهَامٍ النَّفْيُ؛ لأنه عمم هناك حينئذ أسَارٍ ذَانِ، سار هذا مفرد في اللفظ، وذان هذا فاعل سد مسد الخبر وهو مثنى، حينئذ هل يقال: أقائمان الزيدان، أقائمون الزيدون؟ يحتمل أنه داخل فيما سبق، ولكن استثناه بهذا البيت:
وَالثَّانِ مُبْتَداً وَذَا الْوَصْفُ خَبَرْ ... إِنْ فِي سِوَى الإِفْرَادِ طِبْقاً اسْتقَرْ
قال: في تطابق الوجهين أقائم زيد إذا كانا مفردين، يجوز وجهان: هل هو خاص بقائم؟ نقول: ليس خاصاً بقائم، بل يدخل فيه أقتيل زيد، قتيل هذا فعيل، وهو يرفع فاعل كما سيأتي في موضعه، حينئذ قتيل يجوز أن يكون مبتدأً؛ لأنه وصف في المعنى فعيل بمعنى فاعل أو مفعول.
فقتيل هذا وصف اعتمد على استفهام، وزيد هذا فاعله، يجوز فيه الوجهان، قتيل مبتدأ وزيد فاعل وسد مسد الخبر، ويجوز أن يكون زيد مبتدأ وقتيل خبر مقدم، وكذلك أجريح الزيدان، أصديق المحمدان .. حينئذ نقول: هذا يجوز فيه الوجهان.
ثم قال رحمه الله تعالى:
وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بالاِبْتِدَا ... كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالْمُبْتَدَا
ما هو عامل المبتدئ؟
سبق أنه معنوي.
وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بالاِبْتِدَا، رفعوا من؟ العرب، نطقوا به مرفوعاً، وجعلوا العامل هو الابتداء، وَرَفَعُوا أي: النحاة حكموا بكون المبتدأ مرفوعاً بالابتداء يجوز الوجهان، وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بالاِبْتِدَا، لما بين لك المبتدأ وأنه نوعان أراد أن يبين لك حكمه؛ لأن الحكم على الشيء فرفع عن تصوره، ولذلك إذا قيل: المبتدأ هو الاسم المرفوع .. نقول: هذا لا يصح، لماذا؟ لأن المرفوع هذا حكم المبتدأ، أولاً ما هو المبتدأ؟ عرف لنا المبتدأ؟ بين لنا المبتدأ؟ أعطنا ضوابطه أصوله، ثم بعد ذلك قل: هو مرفوع أو منصوب، الاسم المرفوع .. نقول: لا، ليس بصحيح، فلما بين لنا المبتدأ بنوعيه بين لنا حكمه ضمناً؛ لأنه قال: وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً هذا حكم المبتدئ، وبين العامل بكونه بالابتداء.