إذاً إذا قيل بأن اللام فقط هي المُعرِّف فقولنا: قام القوم؛ ليس فيه همزة وصل، وإذا قلنا: بأن (أل) بِرُمَّتِها، وأن الهمزة همزة وصل أو قطع وسُهِّلت لكثرة الاستعمال؛ حينئذٍ وُجِدت الهمزة، ولكن لكونها في دَرْج الكلام سَقطت.
(أَل حَرْفُ تَعْرِيفٍ أو اللام فََقط فَنَمَطٌ) (فَقَط)، الفاء هذه يقولون فيها: أنها زائدة لتحسين اللفظ، و (قَطْ) بمعنى حسب، أي: واللام حَسبُكَ، وقيل: في جواب شرط مُقَدَّر، و (قَطْ) بمعنى: انته، فيكون اسم فعل، يعني: اسم فعل أمر، أو بمعنى: حَسْب، أي: إذا عَرفتَ ذلك فانتَهِ عن طلب غيره، أو فهو حَسْبُكَ، أي: كافِيكَ.
أَلْ حَرْفُ تَعْرِيفٍ أو الَّلامُ فَقَطْ، فَنَمَطٌ: هذا مبتدأ. (عَرَّفْتَ) أي: أردتَ تعريفه، صفة له. (قُلْ) هذا خبر. (فِيهِ النَّمَطْ) أَدخلتَ عليه (أل) فصار معرفة، رَجُل: قل: الرَّجُل، غلام: تقول فيه: الغلام.
والنَّمَط: هو ثوب يُطرَح على الهَوْدَج، والجمع أنماط، اختُلف في تفسيره، وقال –الشارح-: ضَرْبٌ من البُسُطِ، والجمع أنماط، وقيل أيضاً: جماعة من الناس الذين أمرهم واحد، كذا قاله الجَوْهَري.
(أل) نوعان: عَهدية، وجنسية، ولذلك قسمها ابن عقيل، (أل) نوعان: عهدية، وجنسية، فالعهدية هي: ما عُهِدَ مدلول مَصْحُوبها بحضورٍ حِسِّي؛ بأن تقدَّم ذكره لفظاً فأُعيد مصحوباً بـ (أل)، وهذه دائماً نقول: هي التي عُهِد مصحوبها ذِكراً، ((إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا)) [المزمل:15] ((فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)) [المزمل:16]، الثاني الرسول هو عين الأول، هذه (أل) نقول فيها: للعهد الذكري، عُهِد مدلول مَصحوبها بحضور حِسِّيّ.
أو عِلْميّ؛ الذي هو الذهني بأن لم يتقدَّم له ذكر، عكس الأولى، الأولى تقدم له ذكر في اللفظِ، وهذه لا، بل ثَمّ عهد ذهني بَيْني وبينَكَ؛ إشارة، أو عِلمي - يعني: ذهني - بأن لم يتقدَّم له ذِكرٌ، ولم يكن مشاهَدَاً حال الخطاب؛ ((إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ)) [التوبة:40]، ما ذُكر الغار، لكنه معلوم عند الصحابة لما نزلت الآية، ((تَحْتَ الشَّجَرَةِ)) [الفتح:18]، معلومة الشجرة، (أل) هذه للعهد الذِّهْني العِلْمي، أمرٌ معلوم مُدْرَكٌ بالعِلْم والذِّهن، ((بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)) [طه:12] كذلك معلوم.
والجنسية: إما لتعريف الماهية؛ وهي التي لا يخلفها (كل) لا حقيقة ولا مجازاً، يعني: لا يحل محلها لفظ (كل) لا حقيقة ولا مجازاً، مثل ماذا؟ الرجُل خَيرٌ من المرأة، ما المراد هنا: الأفراد أم حقيقة الرجل؟ حقيقة الرجل من حيث هو، وليس المراد أفراد الرجال، الرجل خير من المرأة، يعني: جنس الرجل خيرٌ من جنس المرأة، أو حقيقة الرجل خير من حقيقة المرأة، ((وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)) [الأنبياء:30] يعني: من جنس الماء.