بالجَرِّ وَالْتَّنْوِينِ وَالنِّدَا وَأَلْ قال: (أل)، لم يقل: الألف واللام كما قال ابنُ آجُرُّوْم، فدل على أنه يختار أن (أل) بِرُمَّتِها هي المُعرِّفة، وهنا قال: (أل) حَرْفُ تَعْرِيْف أو اللامُ، فقَدَّم القول الأول، وتقديمه يُدل على أنه يختاره، هذا هو الظاهر والله أعلم.
فهي حرفٌ ثنائيُ الوضعِ بمنزلة (هل) و (بل)، يعني: عند الخليل (أل) بجملتها حرف تعريف، حينئذٍ تكون ثُنائية الوضع مثل: (هل) و (بل)، وإذا كان كذلك حينئذٍ تُنطَق باسمها لا بمسماها، كما أنه لا يُقال في (قد): القاف والدال، و (هل): الهاء واللام؛ كذلك لا يقال في هذه: الألف واللام؛ هذا خطأ، على هذا القول إذا جعلنا الهمزة همزة قطع في الأصل، وهي داخلة في مسمَّى (أل)؛ جُزء منها كالزَّاي من زيد؛ حينئذٍ لا يَصح أن يقال: الألف واللام، هذا غلط، كمن يقول: (قد) القاف والدال، و (هل) الهاء واللام، نقول: هذا لحن.
قال ابنُ جني: وكان الخليل يسميها (أل)، ولم يكن يسميها الألف واللام، كما لا يقال في (قد): القاف واللام.
ثم اختُلِف على هذا القول: هل الهمزة قطع أم وصل؟
(أل) إذا قيل بأنها هي المعرِّفة، حينئذٍ الخليل اختار أنها همزة قطع، وليست بهمزة وصل؛ بدليل ماذا؟ أنها مفتوحة: الرَّجُل، الرَّجُل، إذا بدأت به تقول: العالِم، (أَل)، ولو كانت همزة وَصْل لكانت مكسورة؛ اضرب، اسم، نقول: همزة الوصل مكسورة، وهمزة القطع الأصل أنها مفتوحة. إذ لو كانت همزة وصل لكسرت؛ لأن الأصل في همزة الوصل الكَسرُ، ولا تُفتح أو تُضَم إلا لعارضٍ.
والقول الثاني - وهو منسوب لسِيْبَوَيْهِ -: أنها همزة زائدة مُعتَدٌّ بها في الوضع، وسيأتي ثمرة الخلاف، وقيل: أداة التعريف (اللام) فقط؛ اللام، وأما الهمزة فهي زائدة ليس معتداً بها في الوضْع.
والهمزة وصل اجْتُلِبَتْ للابتداء بالساكن، وفتحتْ تخفيفاً؛ لكثرة الاستعمال، وعليه سيبويه، نسب لسيبويه، والقول الأول نُسب لسيبويه، فالظاهر أن له قولين.
ونقله أبو حيان عن جميع النحويين إلا ابن كيسان، يعني: نقل أن اللام هي المعرِّف فقط، القول الثاني الذي ذكره الناظم نقله أبو حيَّان عن جميع النحويين -وهذا فيه نظر- عن جميع النحويين، وأن (أل) هذه تعتبر زائدة، وهي موصولة.
وثمرة الخلاف إذا قلنا بأن الهمزة: هل هي همزة قطعٍ أم وصلٍ؟ إذا قلت: قام القوم؛ حينئذٍ إذا قلنا: بأن الهمزة موجودة في أصل الكلمة - وهو القول الأول (أل) - حينئذٍ: قام القوم، وُجدت الهمزة أصالة، ثم سقطت الهمزة في دَرْج الكلام؛ لأن همزة الوصل تثبت وقفاً، وتسقط دَرْجاً، يعني: في دَرْج الكلام، هذا الأصل فيها.
وإن قلنا: بأن الأصل هي اللام؛ حينئذٍ: قام القومُ ليس عندنا همزة وصْل؛ لأن همزة الوصل إنما اجْتُِلبَتْ لأجل تَمَكُّن الابتداء بالساكن، وهنا ليس قبله ساكن: قام القوم، فتحه ثم بعد ذلك اللام، وهنا يمكن الابتداء بالساكن، أما في أول الكلام قد نحتاج إلى الهمزة.