أما المنادى يأتي في بابه، وأما الإضافة هذا سيأتي في أول باب المضافِ أنّه يَتعرَّف بالمضاف إليه، وقلنا: أنّه في مرتبة ما أُضيف إليه؛ إلا ما أُضيف إلى الضمير فهو في مرتبة العلم عند الجمهور، وأما المعرَّف بـ (أل) فهو يأتي في المرتبة الخامسة.

والسيوطي رحمه الله في جمع الجوامع قَدَّم المعرَّف بـ (أل) على الموصول؛ لا لكونه أعرف عنده، وإنما قال: لكون الكلام على الموصول طويل، وأما الكلام على (أل) فهو قصير.

المعرَّف بأداة التعريف، يعني: بآلته، ولو قال: ذو الأداة؛ لكان أخْصَر، لو قال: ذو الأداة؛ لكان أخصر من أن يقال: المعرَّف بأداة التعريف.

وقوله: بأداة التعريف؛ هذا ليَعُمَّ (أَمْ) في لغة حِمْيَر، فإنها نائبة منابَ (أل)، فجمهور العرب أنهم إذا عرَّفوا إنما يأتون بـ (أل) المعرِِّفة؛ الرجُل, وأما حِميَر فيأتون بـ (أَمْ) بدلاً من (أل)، ومنه الحديث: {ليس من امْبِرٍ امْصِيامٌ في امْسَفَر)، حينئذٍ هذه كلها (أل) لكنها مبدلة اللام ميماً، وهذا خاصّ بلغة حِمْيَر، ولذلك إذا قيل: ذو الأداة؛ يعني: الأداة التي تُعرِّف، وهذا يشمل (أل)، ويشمل (أََمْ)، ويشمل (أل) بنوعيها؛ سواء كانت (أل) بجملتها معرِّفة، أو اللام على قول الجمهور، أو الهمزة على قول المُبَرِّد كما سبق.

قال رحمه الله تعالى:

أَلْ حَرْفُ تَعْرِيفٍ أَوِ اللاَّمُ فَقَطْ ... فَنَمَطٌ عَرَّفْتَ قُلْ فِيهِ النَّمَطْ

(أل) حرف تعريف، (أل) قُصِد لفظها وهي مبتدأ، حرف: هذا خبر؛ خبر المبتدأ، كيف نقول: (أل) حرف، و (أل) مبتدأ وهي اسم؟ نقول: نعم؛ الإخبار بكونها حَرفاً لا في هذا التركيب، وإنما في قولك: جاء الرجل، (أل) هنا حرف، إذا نطقتَ بها مع مَدْخُولِها صارت (أل) حرفاً، وأما في مثل هذا التركيب الإخبار عنها بكونها حرفَ تعريف؛ نقول: في هذا التركيب ليست حرفاً، وإنما هي اسمٌ، حينئذٍ هل بين الخبر والمبتدئ تناقض؟ نقول: لا؛ لأن بعضَهم يُوْرِد -أَرباب الحواشي-: بأن ثمّ تناقض في مثل هذه التراكيب، كيف نقول: (أل) ونُخبر عنها بأنها حرف، والإخبار عن الشيء يدل على أنه اسم، وإذا كان اسماً حينئذٍ نُعرِبُه مبتدأً في هذا التركيب، ونُخبِر عنه بأنه حرف، والحرف مُباين للاسم؟

نقول: هنا في هذا التركيب هي اسمٌ، والإخبار بكونها حرفاً ليس في هذا التركيب، وإنما في دخولها على مَدْخُلوها كرجل.

أَلْ حَرْفُ تَعْرِيفٍ أو اللاَّمُ فَقَطْ، حَكَى لنا القولَين المشهورَين، وإن شئتَ قُل: الثلاثة؛ لشمول قوله: (أل) لقول الخليل وسيبويه الذي ذكرناه سابقاً.

وأما اللام فقط فهذا على قول الأَخْفَش، وهو اختيار الجمهور، فـ (أو) حينئذٍ تكون لتنويع الخلاف.

إذاً؛ ما هو المعرِّف: هل هو (أل)؟ هل هو (اللام)؟ هذه قلنا: فيها أربعة مذاهب على المشهور:

(أل) بجُملتها أداة تعريف، يعني: الهمزة واللام معاً أداة تعريف، وعليه الخليل بن أحمد شيخ سيبويه، أن (أل) برمتها - الهمزة واللام - مُعرِّفة، وصحَّحه ابنُ مالك رحمه الله تعالى، وهذا ظاهر تقديمه هنا من قول الأول في هذا المقام؛ لأنه نَطَق في السابق:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015