فإن اختلف الحرفان لم يجز الحذف، نحو: مررتُ بالذي غضبتَ عليه، بالذي عليه، (عليه): هو الضمير العائد، جُرّ بـ (على) حرف جرّ، وقال: (بالذي)، دخل على الموصوف حرفُ جرّ ليس هو عينُه الذي دخل على العائد، هل يجوز الحذف؟ لا يجوز الحذف، هذا واضح، فلا يجوز حذف (عليه).

وكذلك: مررتُ بالذي مررت بِه على زيدٍ، لا يجوز؛ لماذا؟ لأنهما وإن اتحدا لفظاً إلا أنهما اختلفا معنىً، ليس كلّما رأيتَ الباءَ والباءَ مباشرة .. ؛ لا، لابد أن يكون معنى الباء الأولى التي دخلتْ على اسم موصول؛ هي عَيْن معنى الباء التي دخلتْ على العائِد، فلا يجوز حذف (به) منه لاختلاف معنى حرفين؛ لأن الباء الداخلة على الموصول للإلصاق، والداخلة على الضمير للسببية.

وإن اختلف العاملان لم يَجُز الحذف أيضاً، العاملان .. يعني: إن اختلفا في المادة، وليس المراد الاختلاف من حيث كونه فعلاً أو اسماً؛ لا.

مررتُ بالذي فرحتُ بِه، بالذي: (الباء)، فرحتُ به، هل يجوز حذف (به) الضمير؟ نقول: لا؛ لماذا؟ لأن (به) تعلَّق بـ (فرح)، وبالذي تعلق بـ (مرّ)، إذاً اختلفا في المادة، فلا يجوز حذف (بِه).

وهذا كلُه هو المُشار إليه بقولِه:

كَذَا الَّذِي جُرَّ بِمَا الْمَوْصُولَ جَرْ، (كَذَا): أي: مثل الذي سبق الكلام فيه من حَذف العائد المُنْتَصِب، حذفُ (الذي جُرُّ بما الموصول جَر)، يعني: يجوز حذف- ليس المنتَصِب إنما المخفوض بالوصف- يجوز حذفُ ما جَرّ الموصولَ، بهذا الشرطِ.

(كَذَا الَّذِي جُرَّ بِمَا الْمَوْصُولَ جَرْ) أي: كذلك يُحذَفُ الضميرُ الذي جُرَّ بمثل ما جُر الموصولُ بِه، نحو: مررتُ بالذي مررتَ بِه فهو بَر، و (بِه) هذا من باب التقدير.

إذاً أشار في هذه الأبيات المتأخرة إلى العائد، وقلنا: العائد إما أن يكون مرفوعاً، وإما أن يكون منصوباً، وإما أن يكون مخفوضاً، إن كان مرفوعاً فيه شرطان:

أن يكون مبتدأً، والخبر مفرد، وهذا شَرطٌ مطلقاً في (أيٍّ) وفي غيرها، لكن في غير (أيٍّ) لابد من استطالَة الصلة؛ أن تكون طويلة، فإن لم تكن فالحَذفُ نَزْرٌ، قليل، ولا يُقاس عليه.

الثاني: المُنْتَصِب، له شَرطان: أن يكون متّصِلاً؛ احترازاً من المنفصل، أن يكون منصوباً بفعلٍ أو وصف، بشرط أن يكون هذا الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال، وشَرَط الجمهورُ ألا يكون منصوباً بِصِلة (أل): أنا الضاربُه، هذا لا يجوز.

الثالث: أن يكون مخفوضاً إما بإضافة، أو بحرفٍ، شرط الإضافة: أن يكون مخفوضاً بوصفٍ؛ اسم فاعل بمعنى الحال، أو الاستقبال.

الثاني: أن يُجرَّ العائِد بما جُرَّ به الموصول لفظاً ومعنىً ومتعلَّقاً.

ثم قال رحمه الله تعالى:

المُعرَّف بأداة التعريف، وهذا هو النوع الأخير الذي ذكره الناظمُ رحمه الله تعالى في باب المعارِف:

فمُضْمَرٌ أَعرَفُها ثُم العَلَمْ ... فَذُو إِشارةٍ فَمَوصولٌ مُتَمّ

فَذُو أَداةٍ ..

فِذُو أَداةٍ، هذا هو الخامس.

فمُضْمَرٌ أَعرَفُها ثُمَّ العَلَمْ ... فَذُو إشارةٍ فَمَوصولٌ مُتَمّ

فَذُو أَداةٍ فمُنادَى عُيِّنا ... فَذُو إِضَافةٍ بها تَبَيَّنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015