ما وجه عطف الفعل على الاسم؟
نقول: كونُ المعطوف عليه في قوة الفعل، أو في قوة الجملة الفعلية، ولذلك كان الأصل في مدخول (أل) الاسمية الموصولية، أن يكون مدخولها التي هي جملة الصلة، أن تكون جملة فعلية، ولكن استقبح أن تدخل (أل) في الصورة على فعلٍ وهي من خصائص الأسماء -من باب الاستقباح فحسب- وإلا الأصل أنها توصل بفعلٍ، لكن أعطيت ما هو في معنى الفعل وظاهراً في لفظ الاسم، فرُوُعِي لها الحقان: حق كونها في الظاهر لا تدخل إلا على الاسم، فأعطيت اسم الفاعل، وكونها موصولة: والأصل في الموصولة أنها لا تدخل إلا على جملة، فجعل في المعنى في قوة الجملة الفعلية.
حينئذٍ المؤول المراد بها: الصفة الصريحة التي تدخل عليها (أل) وكذلك الجار والمجرور وسيأتي.
وَجُمْلَةٌ أوْ شِبْهُهَا الَّذِي وُصِلْ ... بِهِ
حينئذٍ جاء الذي عندك هذا مؤول جاء الذي استقر عندك، جاء الذي في الدار، هذا مؤول بقولك: جاء الذي استقر في الدار، فهي مؤولة، حينئذٍ نردها إلى جملة فعلية، هنا من المواضع التي يتعين أن يكون متعلق الجار والمجرور والظرف: فعلا، هذه من المواضع ومن المرجحات عند بعضهم لأنه إذا قُدر جاء الذي مستقرٌ في الدارِ، أو مستقرٌ عندك، صارت الجملة اسم فاعل، وهو في قوة المفرد وليس بجملة، ويشترط في الموصول أن يوصل بجملة، أو شبه جملة، وشبه الجملة هذه مردها إلى الجملة الصريحة، يعني تؤول بالصريح لذلك قال ابن مالك:
أو مؤولة: من باب الحذف والإيصال، أي مؤول بها غيرها، والمراد بتأويل الغير بها، كونه في معناها، كما في صلة (أل) أو تقديرها قبله كما في الظرف الجار والمجرور، فالمراد بالمؤول الظرف والمجرور والصفة الصريحة كما سيأتي مفصلاً في محله.
إذاً الموصول ما افتقر أبداً إلى عائدٍ أو خلفه وجملة صريحة أو مؤولة.
ابن هشام - رحمه الله - يعرفه في القطر وفي غيره، ما افتقر إلى صلة وعائد، ما: اسمٌ، افتقر واحتاج إلى صلة وعائد فحسب، والعائد هذا بناء على أنه لا يخلفه الاسم الظاهر، والعائد: نقول: المراد به الضمير، فحينئذٍ يشترط فيه، أما في الموصول الحرفي، هذا يشترط فيه أن تكون موصلة، لكن لا يشترط فيها العائد، فثم فرق بين الموصول الاسمي، والموصول الحرفي.
إذاً الموصول المراد به الذي هو نوع من المعارف.
قوله:
مَوْصُولُ الاسْمَاءِ: احترز به من الموصول الحرفي، والموصول الحرفي هو: ما أؤول مع صلته بمصدر، (ما) يعني: حرفٌ، أؤول: مع صلته بمصدرٍ، وهو الذي يقال فيه: (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر، يعني شيء يفسر المذكور وهو مصدر، أو ما يعبر عنه بالسبك، يقال: (أن) مسبوكة مع ما بعدها.
والمراد بـ (أن) المسبوكة مع ما بعدها ليس المراد الحلول والاختلاط، أن يختلط حرف بحرف، المراد أن يقوم مقام هذا التركيب مصدر، أن يقوم مقام هذا التركيب مصدر، فإذا قيل هذا حرف مصدري، بمعنى: أنه يؤول مع ما بعده بمصدر، كيف نطبق هذا الكلام؟ نقول: ((وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)) [البقرة:184] (أن): هذه حرف مصدري، كما سيأتي، وتصوموا هذا صلتها، وهو فعل مضارع منصوبٌ بأن، ونصبه حذف النون لأنه من الأمثلة الخمسة، وَحَذْفُهَا لِلْجَزْمِ وَالنَّصْبِ.