كذلك الموصوف مع صفته، مررت برجلٍ يضحك، نقول: في هذا التركيب الصفة رجل مفتقرة إلى الجملة بعدها، لكن هل هذا الافتقار مطرد لازم، أم أنه ينفك عنها؟ نقول: الثاني، ينفك عنها، والافتقار اللازم هذا خاص بالموصولات نفسها، وهذا هو سبب بناءها.
وَافْتِقَارٍ أُصِّلا: احترازاً من الافتقار غير المؤصل، إذاً (ما) نقول: اسم افتقر بمعنى: احتاج لا يدل معناه ولا يفهم منه معناه إلا بجملة الصلة، لا يمكن أن يفهم، جاء الذي، جاء الذين، رأيت التي، لا يمكن أن يفهم مصدق هذا الذي، لأنه مُبهم، وحينئذٍ إبهامه لا يرفعه إلا وجود جملة الصلة، فلذلك صار الافتقار أبدياً يعني في كل تركيب لا يمكن أن يوجد لفظ الذي إلا ومعه جملة الصلة، ولا يمكن أن يوجد لفظ الذين وهو اسم موصول إلا ومعه جملة الصلة، بخلاف الموصوف، خرج النكرة الموصوفة بجملة فإنها تفتقر إليها حال وصفها بها فقط في نفس التركيب، وما عداه فلك كما ذكرناه في ((هَذَا يَوْمُ)) [المائدة:119].
إلى عائدٍ: هو الضمير وخلفه هو الاسم الظاهر وخرج به -عائد- ضمير الشأن لابد أن يكون معرفاً أو مزالاً عنه الإبهام بجملةٍ لكن هذه الجملة لا يشترط فيها أن تكون مرتبطة برابط، أو مشتملة على عائد، وحيث وإذ وإذا فإنها تفتقر أبداً إلى جملة لكن لا تفتقر إلى عائد.
وَأَلْزَمُوا إِضَافَةً إِلَى الْجُمَلْ ... حَيْثُ وَإِذْ:
هذا سيأتي معنا، أنَّ ثم ألفاظ مفردات تلزم الإضافة إلى الجمل، لكن هذه الجمل التي تضاف إليها لا يشترط فيها أن تكون مشتملة على عائد، بخلاف جملة الصلة فإنه لابد من رابط بين الموصول وصلته، أو خلفه لإدخال نحو سُعَادُ التِي أَضْنَاكَ حُبُّ سُعَادَا، مما ورد فيه الربط بالظاهر والمشهور عند النحاة، وإن ذكره ابن مالك هنا، المشهور أنه شاذ.
وجملة صريحة أو مؤولة: جملة صريحة: المراد بها الجملة الفعلية والجملة الاسمية، جاء الذي قام أبوه، قام أبوه: جملة لا محل لها في إعراب صلة الموصول، جاء الذي أبوه قائم، أبوه: مبتدأ، وقائم: هذا خبر، واشتملت على عائدً وهو الضمير المضاف إليه المبتدأ، أبوه، يعود على الذي، حينئذٍ هذه جملة الصلة وهي جملة صريحة واشتملت على ضمير عائد على الموصول، جاء الذي قام أبوه، أين الضمير؟ الهاء من أبوه، أو مؤولة، يعني: مؤولة بالصريحة، ويعنون بها صلة (أل) لأن الضارب والمضروب والحسن، على خلاف في الصفة المشبهة، هذه هي في الصورة اسم ولكنها في المعنى فعل فهي مؤولة من جهة المعنى بالفعل، وإلا في اللفظ فهي اسم، الضارب، ضارب هذا اسم فاعل، ولذلك يشترط كما سيأتي أن تكون صلة (أل) صفة صريحة وَصِفَةٌ صَرِيحَةٌ صِلَةُ ألْ والمقصود بها اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة والأمثلة المبالغة.
وحينئذٍ هذه في اللفظ هي اسم وفي المعنى هي فعل ولذلك صح عطف الفعل على الاسم -اسم الفاعل- المحلى بـ (أل) ((وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (4))) [العاديات1 - 4] هذا معطوف على المغيرات، والمغيرات هذا: اسم فاعل محلاً بـ (أل وَصِفَةٌ صَرِيحَةٌ صِلَةُ ألْ ((فَأَثَرْنَ)) [العاديات:4] عطف عليه بالفعل.