وعائدٍ: يقصدون به الضمير: الذي يكون رابطاً بين الجملة الصلة والموصول، جاء الذي ضرَبتُه ضربتَه، الضمير هذا يسمى عائداً، يعود على ماذا؟ على الذي فهو الرابط، كما نقول في جملة الخبر لابد أن تشتمل على رابط يربطها بالمبتدأ، لأنك إذا قلت: جاءَ الذي زيدٌ قائمٌ، هكذا جاء الذي زيدٌ قائمٌ، صارت هذه الجملة أجنبية مع الذي ليس بينهما رابط، أما إذا قلت: جاء الذي أبوه قائمٌ، أو قام أبوه بضمير، أو ضربته، أو نحو ذلك قد ربطتها وحصل ارتباط الموصول وصِلَتِه، وإذا حصل الارتباط صار كالجزء الواحد، ولذلك لوجود الفرق بين الموصول وصلته ثم فرق قد يخطئ فيه البعض وهو أنه إذا نُعِتَ أو أُخْبِر بالموصول حينئذٍ صار الموصول هو عينه نفسه صار هو خبراً، وجملة الصلة نقول: لا محل لها من الإعراب، لأننا نقرر أن من الجمل التي لا محل لها من الإعراب جملة الصلة، كيف جملة الصلة وقد يأتي الموصول خبراً وقد يأتي حالاً، وقد يأتي نعتاً ونحو ذلك؟ نقول: الموصول نفسه الذي هذا الذي يكون في محل رفع، زيدٌ الذي قام أبوه مثلاً، جاء الرجل الذي قام، الذي: نقول هذا نعتٌ للرجل، قام أبوه: الجملة لا محل لها من الإعراب، ففرق بين الموصول وبين صلته، الموصول هو الذي يكون في محل إعراب، وصلة الموصول تكون لا محل لها من الإعراب.
عرَّف ابن مالك في التسهيل الموصول بأنه: ما افتقر أبداً إلى عائد أو خلفه، عائدٍ فسرناه بالضمير، أو خلفه: المراد به الاسم الظاهر، هل يأتي الاسم الظاهر خلفاً عن الضمير؟ هذا محل نزاع والصحيح أنه شاذٌ، جاء في بعض المواضع يحفظ ولا يقاس عليه، بأنه ورد سُعَادُ التِي أَضْنَاكَ حُبُّ سُعَادَا، سعاد الذي أضناك الذي أضناك حب سعادا، ما قال: حبها، قال: حب سعادا، أظهر هنا الضمير، فبدلاً من أن يأتي بالضمير أتى بالاسم الظاهر.
ظاهر تعريف ابن مالك للموصول: أنه يراه سائغاً، قد حكم عليه الكثير بكونه شاذاً فيحفظ ولا يقاس عليه.
ما افتقر: ما واقعة على اسم فخرج به الموصول الحرفي، وأبداً: خرج به النكرة الموصوفة بجملة، فإنها تفتقر إليها حال وصفها بها فقط، فحينئذٍ نقول: مررت برجل يضحك، نقول: رجل: موصوف، ويضحك: هذه جملة، عندنا الموصوف وصفته كل منهما يفتقر إلى الآخر، فالنكرة مفتقرة إلى صفتها، لكن هل كلما وجد لفظ رجل لابد أن يكون موصوفاً بجملة، إذاً الافتقار هذا متى؟ في حال إعرابها أو كونها موصوفة في هذا التركيب فحسب، وأما في تركيب آخر حينئذٍ تنفك الجملة؟
ولذلك كما ذكرنا أنه يُضاف وينفك عن الإضافة، ((هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ)) [المائدة:119] هذا يوم: يومُ: خبر، وهو مضاف، وينفع الجملة في محل جر مضاف إليه، في هذا التركيب يوم مفتقر للجملة لأنه لا يؤدي المعنى إلا بإضافته، وكل تركيب حينئذٍ يكون مقروناً بمعناه في نفس التركيب، لا باعتبار آخر، لكن هل يوم مفتقرة دائماً أبداً في كل تركيب غير التركيب هذا، تكون مفتقرة إلى جملة مضاف لا ((وَاتَّقُوا يَوْمًا)) [البقرة:48] جاء مفرداً حينئذٍ هذا يسمى افتقار عرضي، بمعنى أن: يوم افتقرت في التركيب ذات بعينه: هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ.