لماذا وضع الذي على كذا هل هو صيغة مستقلة، أم أنها مركبة، أووالياء مبدلة، ونحو ذلك؟ هذا يبحثه النحاة كثيراً، لكن الأصل كما قال أبو حيان أنه لا يبحث في الوضعيات؛ لأنه موضوع على أن يستعمله المتكلم به في معلوم عند المخاطب بواسطة جملة الصلة ومن أجل هذا اشترطوا فيها أن تكون معهودة للمخاطب، يعني: جملة الصلة لابد أن تكون ثمَّ عَهد بين المتكلم والمخاطب، بخلاف الجملة التي تقع صفة للنكرة، مَررت برجل يضحك لا يشترط في هذه الجملة (يضحك) أن تكون معهودة عند المخاطب، فإذا قلت: لقيت من ضَربته من هذه يحتمل أنها اسم موصول، ويحتمل أنها نكرة موصوفة، احتمالان، والنية لها دور، لكن ما المعنى الذي ينبني على جعلها موصولة؟ وما المعنى الذي ينبني على جعلها نكرة موصوفة؟

إن اعتبرت من موصولة كان المعنى لقيت الشخص المعروف عندك بكونك قد ضَربته، لقيتُ من ضَرَبْتَه، لقيتُ الشخصَ، لابد أن تأتي به معرفاً، إذاً ثم شخص قد وقع عليه الضرب معهود بين المُتكلم وبين المخاطب، هو يعرف من ضَرب قطعاً، هو يعرف من ضَرب، يُشترط في هذه الجملة أن تكون معهودة، فالمتكلم يعرف الذي أوقع عليه المخاطب الضرب، حينئذٍ لقيتُ من ضَرَبته، يعني: لقيت الشخصَ المعروف عندك بكونك ضربته، وأما إذا جعلناها - (من) - نكرة موصوفة، بقوله: ضَربته، فيكون المعنى شخصاً موصوفاً بكونك قد ضَرَبتَهُ، لكنه غير معروف، إذا جعلناها من فالشخص معروفٌ عند المُتكلم والمخاطب، لأنها موصولة، لأن شرط الموصول –الجملة- أن تكون معهودة بين المتكلم والمخاطب، إذاًَ لقيت من ضربته أي الشخص الذي أعرفه أنا وتعرفه أنت، وأما إذا جعلناها نكرة موصوفة، حينئذٍ لقيت شخصاً موصوفاً بكونك قد ضربته، فلا يشترط فيه أن تكون عهداً.

فتخصيص الموصول بالوضع، وتخصيص الموصوف بالطرو والعروض، يعني: أمرٌ عارض، هذا مخصص، وهذا ومخصص، لأن الصفات مخصصة، وهي التي يعبر عنها بأنها للاحتراز، حينئذٍ تخصيصها طارئ أم وضعي؟ نقول: طارئ، لماذا؟ لأنه ينفك عنها، رأيت رجلاً يضحك، رأيت رجلاً يمشي، انفك عنها، أو رجلاً أو الرجل، انفك عنها، لكن جملة الصلة هل تنفك عن الموصول؟

الجواب: لا، لا تنفك عنه البتة، حينئذٍ التخصيص الواقع بالموصولات نقول هذا تخصيص وضعي، بأصل وضعه، وأما التخصيص الواقع بوصف النكرة، نقول: هذا تخصيص طارئ عارض، ففرق بين النوعين.

الموصول عند النُّحاة: هو ما افتقر إلى صلة وعائد، هذا المشهور اختصاراً، ما اسم افتقر إلى صلةٍ وعائد، صلة قد تكون جملة، قد تكون شبه جملة، قد تكون صفة صريحة، بحسب أنواع الموصولات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015