والصحيح: أنه إذا كان محرماً أو مكروهاً فحكمه حكم الشعر، بمعنى: أنه يكره مع المكروه ويحرم مع المحرم.

وأما المباح فالأصل الإباحة، حينئذٍ نقول: المسألة فيها تفصيل: هل يجوز أن يفتتح الشعر بالبسملة؟ نقول: ما كان من العلم والآداب الشرعية فهو متفق على حله وإباحته، وأما ما ورد عن الشعبي من المنع والزهري، حيث قال رحمه الله: مضت السنة ألا يكتب أمام الشعر بسم الله الرحمن الرحيم، هذا محمول على الشعر الذي يكون محرماً أو مكروهاً أو فيه نوع غزل ونحو ذلك.

فأما هذه المنظومات فهذه جرى أهل العلم على أنها مما يندب أن تفتتح بالبسملة، ولكن الأولى ألا تجعل نظماً .. ألا تدخل في النظم، كما قال الشاطبي:

بدأت ببسم الله في النظم أولاً ..

قالوا: هذا خلاف الأولى، وبعضهم صرح بأنه مكروه، وأما جعلها مستقلًة تكتب في وسط السطر فهذا أمر مندوب فيما إذا كان من العلوم الشرعية.

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحِيمِ

الكلام في البسملة يطول ذكره، وقد مضى معنا كثير من ذلك، الأحكام المتعلقة بها، وأهم ما يذكر: أنه افتتح بالبسملة أو افتتح نظمه بالبسملة اقتداًء بالكتاب العزيز، حيث بدأ الله تعالى القرآن كتاب بقوله: ((بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) إلى آخر السورة [الفاتحة: 1 - 2].

وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فأقول: فعل النبي، ولا أقول: السنة قولية لضعفها، وأما حديث: {كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر ـ أو قال ـ: أجذم} أو نحو ذلك، نقول: هذا الحديث لا تثبت به الحجة، فهو ضعيف، والضعيف لا يحتج به لا في الأحكام ولا في فضائل الأعمال.

والحجة فيه: السنة الفعلية، حيث كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكتب إلى عماله، أو يكتب إلى الملوك والرسائل، ونحو ذلك بالبسملة، فجاء في صحيح البخاري: {بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحِيمِ، من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم} فدل على أن هذا من الأمور المستحبة فعلها، إذا كتب كتاباً أو درس أو علم أو تكلم بكلام مهم يلتفت إليه أن يأتي بالبسملة: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحِيمِ.

والبسملة هذا اللفظ، هكذا: البسملةُ، هذا مصدر مولد، مصدرٌ مولد أو نقول: من قبيل .. ليس مصدراً مولداً، بل هو مصدر قياسي، مصدر قياسي لبسمل يبسمل بسملة، بسملة: هذا مصدر قياسي؛ لأن فعلل يأتي في اللغة مصدره قياساً على: فعللة .. دحرج يدحرج دحرجةً، دحرج: هذا فعل ماضي، يدحرج: هذا المضارع، دحرجةً: هذا القياس.

بسمل يبسملُ بسملًة، نقول: بسملةً: هذا مصدر قياسي، مصدر قياسي للفعل الماضي الرباعي: بسمل.

ويرد السؤال في: بسمل هذا منحوت، بمعنى: أنه اختصر من كلمات، كما يقال: حولق .. حوقل، هذا اختصار لـ: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهلل .. هيلل، لـ: لا إله إلا الله، وسمعل: السلام عليكم، نقول: هذا كله يعتبر من النحت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015