هذا يدل على أن اللغة محكمة، ينطق الله عز وجل بعض أرباب اللسان الفصيح العربي بكلمة تكشف للنحاة والصرفيين كثير من الأصول عندهم، ولذلك يفرحون بمثل هذه الشذوذات؛ لأنها تفسر لهم بعض الأحكام المطردة عندهم.

فأقول: ما سنجري عليه إن شاء الله تعالى لا يفهم أنه دورة، نمشي عقارب الساعة تطاردنا هيا هيا؟! لا، رويداً رويداً، سنمشي قليلاً قليلاً، ومن حيث الشرح .. فك العبارات، والنظر في كلام الناظم رحمه الله تعالى، وكما ذكرنا ما يحتاج إلى إعراب أعربناه، وما لا يحتاج تركناه إحالة عليك أنت .. أنت الذي تقرأ، وأنت الذي تفهم، وأنت الذي تحفظ، وأنت الذي تراجع لست أنا، أنا حفظت وذاكرت وبقي ما بقي، وضاع ما ضاع، والله المستعان.

لكن أنت الذي الآن تؤصل نفسك فتذاكر وتحفظ وتعرب لا بد من الإعراب، ولذلك لو حاول بعضكم أن يجعل ولو بالمذاكرة أن يجعل تمرين الطلاب للأزهري .. خالد الأزهري محلاً للمذاكرة والمدارسة، أظنه ما يخرج من هذه الألفية إلا وقد أتقن أصول النحو كلها عن بكرة أبيها.

وأكاد أجزم ومن يتحدى فليفعل، يجلس مع صاحبه فيفتح الكتاب ثم يعرب كلمةً كلمة، وجرى خالد الأزهري في تمرين الطلاب على أنه قد يذكر بعض الفوائد، وهذه مفيدة جداً، يعني: الإعراب قد يكون محيي الدين يعرب، لكنه قد لا يؤصلك، بمعنى: أنه لا يذكر قاعدة إلا على جهة اليسير جداً، يذكر أن هذا مخالف لأصل كذا، وأن هذا لو أعرب بدل .. البدل من بدل ممنوع عند الجماهير من النحاة، هذا قليل.

لكن الأزهري يكثر من هذه التعليلات، إذاً: كما ذكرت أنه لا بد من تشمير الليلة ونستعين الله عز وجل ونطلبه العون، وأن يبارك بالوقت، وفي الفهم والحفظ، فالكتاب طويل والوقت قصير، ولا نقول: عقارب الساعة تطاردنا!

طيب:

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

قال الناظم المصنف الإمام محمد بن مالك رحمه الله تعالى .. جمال الدين بن عبد الله بن مالك الطائي نسباً، الشافعي مذهباً، الجيّاني منشئاً، الأندلسي إقليماً، الدمشقي داراً ووفاًة، قال رحمه الله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحِيمِ:

قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مَالِكِ

مُصَلِّياً عَلَى النَّبيِّ الْمُصْطفَى

وَأَسْتعِينُ اللهَ فِي ألْفِيَّهْ ...

تُقَرِّبُ الأقْصى بِلَفْظٍ مُوجَزِ ...

وَتَقْتَضي رِضاً بِغَيرِ سُخْطِ

وَهْوَ بِسَبْقٍ حَائِزٌ تَفْضِيلاَ

واللهُ يَقْضِي بِهِبَاتٍ وَافِرَهْ ... أَحْمَدُ رَبِّي اللهَ خَيْرَ مَالِكِ

وآلِهِ المُسْتكْمِلِينَ الشَّرَفَا

مَقَاصِدُ النَّحْوِ بِهَا مَحْوِيَّهْ

وَتَبْسُطُ الْبَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزِ

فَائِقَةً ألْفِيَّةَ ابْنِ مُعْطِي

مُسْتَوْجِبٌ ثَنَائِيَ الْجَمِيلا

لِي وَلَهُ في دَرَجَاتِ الآخِرَهْ

قال رحمه الله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحِيمِ:

بدأ نظمه بالبسملة، وهذه .. أو ذكر البسملة في الشعر إذا كان علماً ومشتملاً على الآداب الشرعية متفق على حله وإباحته، فهو جائز بالإجماع، وهذا لا نزاع فيه بين أهل العلم، وإنما وقع النزاع فيما إذا كان الشعر محرماً أو مكروهاً أو مباحاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015