وَلَيْتَني فَشَا: بثبوت النون أي: كثر وذاع؛ لمزيتها على أخواتها في الشبه بالفعل؛ لأن ليت إنما تعمل عمل إن، والأصل في النصب والرفع أن يكون للفعل كما سيأتي في محله.

ليت: هذا في قوة أتمنى، فلما فسّرت بالفعل حينئذٍ إذا نصبت ياء المتكلم فالفعل تلحقه نون الوقاية مثله: ليت.

لمزيتها على أخواتها في الشبه بالفعل، يدل على ذلك سماع إعمالها مع زيادة ما كما سيأتي.

وَلَيْتَني فَشَا: أي: كثر، بل جاء في القرآن كما في قوله تعالى: ((يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ)) ((يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)) جاء بإثبات النون وهو كثير، وهل جاء في القرآن بدون نون؟ لم يرد، لم يرد ليتي، وإنما الكثير في لسان العرب ثبوتها، وبه ورد القرآن.

وَلَيْتَني فَشَا وَلَيْتي نَدَرا: (ليتي) يعني بدون نون، (ندرا) مراده: شذ، ومنه قول الشاعر:

كَمُنْيَةِ جَابِرٍ إِذْ قَالَ لَيْتِي ... أُصَادِفُهُ وَأَفْقِدُ جُلَّ مَالِي

ليتي: جاء بياء المتكلم متصلة بالحرف وهي ناصبة لها بدون نون الوقاية.

وَلَيْتَني فَشَا، (وليتي) بدون نون (ندرا): أي: شذ.

وَمَعْ لَعَلََّ اعْكِسْ، اعكس مع لعل فقل: لعلي كثر، ولعلني ندرا، اعكس في القلة والكثرة.

وَمَعْ لَعَلََّ اعْكِسْ: يعني هذا الأمر، فتجريدها من النون كثير، ((لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ))، به جاء القرآن، فتجريدها من النون كثير؛ لأنها أبعد من الفعل لشبهها بحرف الجر واتصالها بها قليل، يعني نون الوقاية بها قليل.

إذاً: وَمَعْ لَعَلََّ اعْكِسْ: يعني: لعلني، هذا قليل، ولعلي هذا كثير.

ثبوت نون الوقاية مع لعل أكثر من حذفها مع ليت، وحذف النون من ليت أقل من إثباتها في لعل.

فالمرد ليس عكساً بالمعنى المساوي ولكن أي عكسها بجامع القلة فقط، ومع قلته هو أكثر من ليتي، هو قليل: ليتني، هذا قليل إلا أنه مع قلته هو أكثر من ليتي، المراد أن اتصال النون بلعل هذا قليل، وخلوه عن النون كثير، بقطع النظر عن ليتي قليل، ولعلني قليل، أيهما أكثر؟ ليس مراد الناظم هذا.

وَكُنْ مُخَيَّرَا ... فِي الْبَاقِيَاتِ: البقايات ما هي؟ أخوات إن: إن، وأن، وكأن، ولكن .. إذا نصبت ياء المتكلم إنني، وإني، بحذف إحدى النونين كراهة الأمثال، كأنني، كأني، أني أنني، لكنني لكني، يجوز فيها الوجهان، ولذلك سوى بينهما، وكن: أيها المتكلم أو الحاكم مخيراً في إلحاق النون وعدمها، قال الفراء: عدم إلحاق النون هو الاختيار، يعني اختار أنه لا تلحق النون في هذه الباقيات الأربعة، دون ليت ولعل.

وَمَعْ لَعَلََّ اعْكِسْ وَكُنْ مُخَيَّرَا فِي الْبَاقِيَاتِ: في الباقيات التي هي: إن، وأن، ولعل.

فتقول: إني، وإنني، وأني وأنني، وكأني وكأنني، ولكني ولكنني، وعلة الحذف هي: التخفيف.

هذا إن نصبت ياء المتكلم بالحرف، إذاً ياء المتكلم قلنا تأتي في محل نصب وتأتي في محل خفض، إن جاءت في محل نصب إما فعل، وإما اسم فعل، وإما أفعل التعجب، وإما حرف .. عرفنا أحكامها، إذا خفضت ما الحكم؟

قال: واضْطِراراً خَفَّفا ... مِنِّي وَعَنِّي بَعْضُ مَنْ قَدْ سَلَفََا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015