(وَلَيْسي قَدْ نُظِمْ): ليس هذا فعل، نصب يا النفس، حينئذٍ الأصل أن يقال: ليسني، هذا الأصل طرداٌ للقاعدة.
وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ مع الفعل مطلقاً، وليس فعل، إذاً إذا نصبت ياء المتكلم، حينئذٍ وجب أن تتصل بها نون الوقاية، لكن سمع في الشعر شذوذاً ليسي على حذف نون الوقاية، واتصال الياء بدون نون الوقاية (وَلَيْسي قَدْ نُظِمْ) ليس المراد به تجويس ألا تتصل نون الوقاية بالفعل إذا نصبها ياء المتكلم، وإنما المراد التنصيص على أنه قد نظم، يعني جاء في الشعر خاصة.
حينئذٍ يحكم عليه بأنه شاذ يحفظ ولا يقاس عليه.
(وَلَيْسي) بلا نون الوقاية (قَدْ نُظِمْ)، كما قال الشاعر:
عَدَدْتُ قَوْمي كَعَديدِ الطَّيْسِ ... إذْ ذَهَبَ القَوْمُ الكرامُ ليْسي
هذا الشاهد ليسي، هذا نظم، وهو شاذ وسهله، سهل هذا الشذوذ أنه فعل جامد لا يتصرف، فأشبه الاسم كغلام، غلامي، ليسي، غلام اسم جامد، وليس فعل جامد، كأنه قاسه عليه.
وكذلك ليس بمنزلة غيري في المعنى .. ليسي، غيري، كأنه قاسه عليها لأن غير لا تدخلها نون الوقاية.
وغير لا تتصل بها نون الوقاية، إذا وصلت بياء المتكلم.
إذاً: نقول الذي سوغ له أن يأتي بالياء متصلة دون نون الوقاية بليس، أنها لا تتصرف وأشبهت الحروف الآتي ذكرها.
(وَلَيْسي قَدْ نُظِمْ) ولذلك سمع: عليه رجلاً ليسني، سمع هكذا: عليه رجلاً، يعني يلزمه، رجلاً ليسني: أي ليلزم رجلاً غيري، -هذا يعتبر لغز- إذاً: عليه رجلاً ليسني: أي ليلزم رجلاً غيري.
قال ابن عقيل: واختلف في أفعل في التعجب هل تلزمه نون الوقاية أم لا؟ وهذا الخلاف مبني على خلاف آخر: هل أفعل التعجب اسم أم فعل؟ هذا يأتي في محله والصواب: أنه فعل، بدليل اتصال نون الوقاية به، كما سيأتي في محله.
وَلَيْتَني فَشَا وَلَيْتي نَدَرَا
فِي الْبَاقِيَاتِ وَاضْطِرَاراً خَفَّفا ... وَمَعْ لَعَلََّ اعْكِسْ وَكُنْ مُخَيَّرَا
مِنِّي وَعَنِّي بَعْضُ مَنْ قَدْ سَلَفََا
حينئذٍ لما اتصلت نون الوقاية بما سبق، والعامل هو الفعل كما ذكرناه، والعامل هو اسم الفعل، والعامل أيضاً قلنا: هو الفعل، واسم الفعل (دراكني)، وأفعل التعجب.
إذا نصبت ياء المتكلم بحرف كليت ولعل، المسألة نقلية سماعية، هل الأصل دخول نون الوقاية بين ليت والياء أو الأصل العدم؟ قلنا ما علة وجود نون الوقاية مع الفعل؟ تقي الفعل الكسر، العلة موجودة في الحروف؟
لا؛ لأن الحرف لا يمنع من الكسر، بل يبنى على الكسر ويبنى على السكون، ويبنى على الفتح، ويبنى على الضم .. كما ذكرناه.
وَمِنْهُ ذُو فَتْحٍ وذُو كَسْرٍ وَضَمْ ... كَأَيْنَ أَمْسِ حَيْثُ وَالسَّاكِنُ كَمْ
حينئذٍ الحرف يدخله الكسر، إذاً الأصل عدم الدخول أو الدخول نون الوقاية للحرف؟ الأصل عدم الدخول.
إذاً المسألة سماعية نقلية.
وَلَيْتَني: إذاً حكم نون الوقاية مع الحروف.
وَلَيْتَني فَشَا: يعني كثر، ليتني بثبوت النون إذا نصبت ياء المتكلم ليت، هذه تعمل عمل إن، حينئذٍ تنصب ياء المتكلم فتكون في محل نصب، ياء المتكلم يلزم ما قبله أن يكون مكسوراً، وليت مبنية على الفتح، وقد يقال: لا بأس أنه ينقل من الفتح إلى الكسر للمناسبة؛ لأن الكسر يدخل الحرف.