ياء المتكلم من الضمائر المشتركة كما سبق بين محلي النصب والخفض، -الكلام على النصب، ويأتي الكلام على الخفض- فإن نصبها فعل، أو اسم فعل، أو ليت وما شاكلها، وجب قبلها نون الوقاية، إذا نصب ياء المتكلم، نصبها لأنها ضمير في محل نصيب، إن نصبها فعل مطلقاً ماضياً، أو مضارعاً، أو أمراً، أو فعل دراكني، أو ليت وما يعمل عمل ليت، حينئذٍ وجب أن يفصل بين العامل واحد من هذه الثلاث، وبين الياء بنون تسمى نون الوقاية، والوقاية هذه مأخوذة من وقى يقي، أصلها وقوا، والمراد بها المنع؛ لأنها وقت ومنعت الفعل عن الكسر، والأصل في العمل هو للأفعال؛ لأنه كما تقرر أن الفعل لا يدخله كسر ولا ضم، حينئذٍ إذا قيل أكرمِي، إذا نصبتها فعل ماضي أكرمَ، وأردت أن تخبر في المعنى بأن الكرم قد وقع عليك، الأصل أن تقول: أكرمِي، لزم أن يكون ما قبل الياء التي هي مفعول به مكسور، حينئذٍ يحتاج إلى فاصل.
أتوا بالنون، هذه النون تسمى نون الوقاية، وقت الفعل عن الكسر، فتحملت هي الكسر قالت: أنا له، ويبقى الفعل سالماً عن الكسر، ولذلك سميت بهذا الاسم.
(يَا النَّفْسِ) يعني ياء المتكلم، وتسمى ياء النفس.
(وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ مَعَ الْفِعْلِ) إذا كانت مع الفعل مطلقاً سواء كان الفعل ماضياً: أكرمني، أو مضارعاً: يكرمني، أو أمراً: أكرمني مطلقاً نقول: التزم.
وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ: إذا كانت مع الفعل احترز به عما كانت مع الاسم أو الحرف، فلا يلزم معها نون الوقاية في غير ما سيأتي، ليس مطلقاً، فحينئذٍ المفهوم هنا، قَبْلَ يَا النَّفْسِ مع الفعل له مفهوم، مفهومه: أنه لا يلتزم بنون الوقاية مع غير الفعل والصادق بالحرف والاسم، لكنه ليس على إطلاقه.
فالمفهوم مخصص بما سيأتي.
(وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ مَعَ الْفِعْلِ التُزِمْ) (مع الفعل) مطلقاً، متصلة بـ: التزم، نون وقاية، التزم: هذا فعل مغير الصيغة.
(نُونُ وِقَايَةٍ) هذا نائب فاعل.
إذا اتصل بالفعل ياء المتكلم لحقته لزوماً وجوباً نون تسمى نون الوقاية، وسميت بذلك لأنها تقي الفعل من الكسر، وذلك نحو أكرمني، ويكرمني، وأكرمني، وقام القوم ما خلاني، ما خلاني هذا جاءت مع أفعال الاستثناء خلى، وما عداني، وحاشاني، إن قدرتهن أفعالاً؛ لأن الفعل في نحو ما عداني نقول: (ما) هنا مصدرية، فالفعل بعدها يتعين أن يكون فعلاً، وإذا تعين أن يكون فعلاً فحينئذٍ تنصب وترفع، وفاعلها يكون مستتراً واجب الاستتار، وإذا نصبت مفعولاً به وهو ياء المتكلم حينئذٍ وجب الاتصال، فإذا وجب الاتصال حينئذٍ وجب كسر ما قبل ياء المتكلم الذي هو آخر الفعل، فحينئذٍ لزم أن يؤتى بـ: نون تسمى نون الوقاية، وتقول: ما أفقرني إلى عفو الله، (ما): تعجبية، وأفقر: فعل ماضي، ما أفقر زيداً، حينئذٍ: ما أفقرني، إذا أراد أن ينصب به ليس اسماً ظاهراً وإنما ياء المتكلم، حينئذٍ وجب أن تتصل به نون الوقاية على الصحيح من أن أفقر فعل لا اسم.
وأما اسم الفعل دراكني بمعنى: أدركني، دراكني يا زيد يعني: أدركني، حينئذٍ دراكني نقول: الياء هذه منصوبة بدراك، وهو اسم فعل، اتصلت به الياء لأنه ضمير متصل فيجب الاتصال، فحينئذٍ جيء بنون الوقاية.