وَفِي اتِّحَادِ الرُّتْبَةِ: أي: رتبة الضميرين، وهو ألا يكون فيهما أخص، ما يكون بينهما تخصيص، كل منهما مرتبة واحدة، بأن يكونا معاً ضميري تكلم أو خطاب أو غيب.
الْزَمْ فَصْلاَ: وجب الفصل (الْزَمْ فَصْلاَ) الألف للإطلاق، يعني وجب الفصل.
فتقول: أعطيتني إياي، وأعطيتك إياك، ولا يجوز اتصال الضميرين، فلا تقول: أعطيتني ني.
وَقَدْ يُبِيحُ الْغَيْبُ فِيهِ وَصْلاَ: (وَقَدْ يُبِيحُ الْغَيْبُ) يعني ضمير الغائب.
(فِيهِ): في الاتحاد.
(وَصْلاَ): أي قد يباح الوصل متى؟ إن كان الاتحاد في الغيبة قد يبيح ... ، كأنه استثنى من الشطر الأول (وَفِي اتِّحَادِ الرُّتْبَةِ) مطلقاً لمتكلم أو مخاطب أو غائب (الْزَمْ فَصْلاَ) استثنى من هذا فيما إذا كان الضميران لغيبة، كل منهما لغائب، إذاً بقي ضميرا المتكلم والمخاطب على الأصل، أنه يجب الفصل.
(وَقَدْ يُبِيحُ) أي: كونهما للغيبة (وَقَدْ يُبِيحُ الْغَيْبُ) الإباحة هنا بعد منع، حينئذٍ صار للجواز.
(وَقَدْ يُبِيحُ الْغَيْبُ) يعني ضمير الغائب، (فِيهِ): في الاتحاد (وَصْلاَ): أي قد يباح الوصل إن كان الاتحاد في الغيبة، واختلف لفظ الضميرين، وهذا اشترطه المصنف في غير هذا الكتاب، وأما هنا فأطلق.
(وَقَدْ يُبِيحُ الْغَيْبُ) أي: الضمير -ضمير الغائب- (فِيهِ وَصْلاَ) فحينئذٍ سواء اتفقا أم اختلفا، لكنه اشترط اختلاف الضميرين في غير هذا الكتاب، وشرط الناظم أن يختلف لفظاهما، فإن اتفقا في الغيبة وفي التذكير والتأنيث، وفي الإفراد والتثنية أو الجمع، ولم يكن الأول مرفوعاً، وجب كون الثاني بلفظ الانفصال نحو: فأعطاه إياه، فأعطاهَهَ .. فأعطاه إياه. (وَقَدْ يُبِيحُ الْغَيْبُ فِيهِ وَصْلاَ).
معَ اختلافِ مَا ونحو ضمِنتْ ... إياهُم الأَرض الضرورةُ اقتضتْ
هذا البيت مختلف فيه هل هو من الألفية أو لا، لكن الصواب أنه ليس من الألفية، والسيوطي رحمه الله في البهجة شرحه على أنه من الألفية، والصواب أنه ليس من الألفية، ولذلك قال هنا: وربما أثبت هذا البيت في بعض نسخ الألفية وليس منها؛ لأن فيه تكرار، ثم ما يوافق بقية سبك النظم.
إذاً يشترط يشترط اختلافه لفظ الضميرين، وإليه أشار بقوله في الكافية: مع اختلاف ما، يعني لا بد أن يكون بين الضميرين اللذين يجوز أو يباح الفصل بينهما في الغيب أن يكون بينهما اختلاف، ألا يكون متحدين إفراداً وتثنية وجمعاً، بل لا بد أن يكون أحدهما مفرد والثاني مثنى، أو العكس أو أحدهما مذكر والثاني مؤنث، والأمثلة موجودة.
قال رحمه الله:
وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ مَعَ الْفِعْلِ التُزِمْ ... نُونُ وِقَايَةٍ وَلَيْسي قَدْ نُظِمْ
(وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ) هذا أحكام ياء المتكلم، ياء المتكلم سهلة، هذه واضحة محفوظة.
ياء المتكلم قلنا هذه ضمير باتفاق، يعني ليست بحرف، ياء المتكلم من الضمائر المشتركة كما سبق بين محلي النصب والخفض، وَلَفْظُ مَا جُرَّ كَلَفْظِ مَا نُصِبْ.
حينئذٍ نقول: ضمير ياء متكلم إني، ولي، وبي .. هذا جاء في محل نصب وفي محل جر.